للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)} (١) [الحجر: ٧٥] والله أعلم.

* * *

ذِكْر مناظرةٍ بين فقيهين في طهارة المنيِّ ونجاستِهِ (٢)

قال مدِّعي الطَّهارة: المَنِيُّ مبدأُ خلقِ بشرٍ فكان طاهرًا كالتُّرَاب.

قال الآخر: ما أبعدَ ما اعتَبَرْتَ، فالتُّرَاب وُضِعَ طَهورًا ومساعدًا (٣) لطهور في الوُلوغ، ويرفعُ حكمَ الحَدَثِ على رأي، والحَدَث نفسه على رأي، فأين ما يُتَطَهَّرُ به إلى ما يُتَطَهَّرُ منه، على أن الاستحالات تعملُ عملَها فأين الثَّواني من المبادئ؟ وهل الخمرُ إلا ابنةُ العنب؟ والمِنِيُّ إلا المُتَوَلِّدُ من الأغذية في المَعِدة ذات الإحالة لها. إلى النَّجاسة ثم لى الدَّم ثم إلى المَنِيّ؟

قال المُطَهِّرُ: ما ذكرتَهُ في التراب صحيح، وكونُ المني يُتَطَّهرُ منه لا يدلُّ على نجاسته، فالجماعُ الخالي من الإنزال يُتَطَّهرُ منه، ولو كان التَّطَهُّرُ منه لنجاسته لاختصَّتِ الطهارةُ بأعضاء الوضوء كالبول والدَّم، وأما كون التَّراب طَهورًا دون المَنِيِّ فلعدم تصوُّر التطهير (٤) بالمَنِيِّ، وكذلك مساعدته في الولوغ، فما أبعدَ ما اعتبرتَ من الفرْق وأغثَّهُ!!.


(١) أخرجه الترمذي رقم (٣١٢٧)، والبخاري في "التاريخ": (٧/ ٤٥٤)، العُقيلي: (٤/ ١٢٩)، وأبو نعيم في "الحلية": (١٠/ ٢٨١) وغيرهم من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- وسنده ضعيف.
وجاء من رواية جماعة من الصحابة، وفي أسانيدها ضعف.
(٢) (ق): "ذكر مناظرة جرت بين مدعي طهارة المنيّ ونجاسته".
(٣) (ق): "للطهور وساعد".
(٤) (ع وظ): "التطهر".