للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجزء من الفعل، وإنما صار به الفعل في تأويل الاسم، فلم ينتقض ما ذكرناه.

وعلَّل السهيلي (١) بطلان عمل "سوف" بعلة أخرى، فقال: وإما "سوف" فحرف، ولكنه على لفظ السَّوف الذي هو الشَّمُّ لرائحة ما ليس بحاضر، وقد وُجِدت رائحته، كما أن "سوف" هذه تدلُّ على أن ما بعدها ليس بحَاضر، وقد علم وقوعه وانْتُظِر [إِبَّانُه] (٢)، ولا غَرْو أن يتقارب معنى الحرف من معني الاسم المشتق المتمكن في الكلام.

فهذه "ثم" حرف عطف، ولفظها كلفظ "الثم" وهو: رمُّ الشيء بعضه إلى بعض، كما قال: "كنا أهل ثُمِّه ورُمِّه" (٣)، وأصله من: ثممتُ البيتَ إذا كانت فيه فرج فسُدد بالثُّمام، والمعنى الذي في "ثم" العاطفة قريب من هذا؛ لأنه ضمُّ شيء إلى شيء بينهما مهلة، كما أن ثَمَّ البيت: ضمٌّ بين شيئين بينهما (٤) فرجة، ومن تأمل هذا المعنى فى الحروف والأسماء المضارعة لها، ألفاه كثيرًا.

فائدة بديعة (٥)

في دخول "أن" على الفعل دون الاكتفاء بالمصدر ثلاث فوائد:

أحدها: أن المصدر قد يكون فيما مضى، وفيما هو آتٍ، وليس


(١) في "نتائج الفكر": (ص/ ١٢٤).
(٢) في الأصول: "إيابه"، والتصويب من "النتائج".
(٣) هو من قول أخوال أُحَيْحة بن الجُلاح فيه ... في حديث عروة، أخرجه مالك في "الموطأ": (٢/ ٨٦٨) في، وانظر "النهاية": (١/ ٢٢٣)، وأهل الحديث يروونها بالضم، وصحح أبو عبيد الفتح "ثَمِّه ورَمِّه".
(٤) من قوله: "مهله، كما ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٥) "نتائج" الفكر": (ص/ ١٢٦).