للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جدًّا، وكذا تأويل ذلك كله (١) بمشتقّ تعسُّف ظاهر، والتحقيقُ ما تقدَّم، وأنها كلها أحوال، وإن كانت جامدة؛ لأنها صفات يتحول الفاعل إليها، وليس يلزم في الصفات أن تكون كلها فِعْلية، بل منها نفسيَّة ومعنويَّة وعدمِيَّة، وهي صفة النفي، وإضافية وفعلية، ولا يكون من جميعها حالاً إلا ما كان الفعلُ واقعًا فيه وجاز خُلُوه عنها، فأما ما كان لازمًا للاسم مما لا يجوز خلوه (ق/١٣٩ ب) عنه، فلا يكون حالاً منتصبة بالفعل، نحو قولك: قرشي، وعربى، وحبشي، وابن، وبنت، وأخ، وأخت، فكلُّ هذه لا يُتَصوَّر وقوعها أحوالاً؛ لأنها لا تتحوَّل.

فصل

وأما السؤال الثامن: وهو إلى أيِّ شيءٍ وقعت الإشارة بقولك: هذا؟.

فالجواب: أن متعلَّق الإشارة هو الشيء الذي تتعاقب عليه هذه الأحوال، وهو ما تخرجه النخل من أكمامها فيكون بَلَحًا، ثم يكون سَيَابًا، ثم جَدَالاً (٢)، ثم بُسرًا إلى أن يكون رُطَبًا، فمتعلَّق الإشارة المحل الحامل لهذه الأوصاف، فالإشارة إلى شيءٍ ثالث غير البسر والرطب، وهو حامل البسريَّة والرطبيَّة (ظ/ ١٠٦ أ)، وقد عرفت بهذا أنه لا ينبغي تخصيص الإشارة بقولهم: إنها إلى البلح أو الطلع أو الجَدَال، كلُّ ذلك تمثيل، والتحقيقُ: أن الإشارة إلى الحقيقة الحاملة لهذه الصفات والذي يدلك على هذا أنك تقول: "زيد قائمًا أخطب


(١) ليست في (ق).
(٢) (ق): "خلالاً"! وانظر "المخصَّص": (١١/ ١٢٠ - ١٢١) لابن سِيْده.