للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يَجُزْ له التمكينُ من نفسه بحال؛ لأن الضَّرَر اللاحقَ له بتمكينه أعظمُ فسادًا من الضَّرَر اللاحق له بفوات الحياة، والله أعلم.

فائدة (١)

رجل له على ذميٍّ دَيْن، فباع الذِّمِّيُّ خمرًا وقضاه من ثمنه، فأبى أن يأخذَه.

قال الإمام أحمد: ليس له إلا أن يأخذَه أو يبرئه، واستدلَّ بقول عُصَرَ في أخذ العُشْرِ منهم من ثمنِهِ: "ولُوهُمْ بَيْعها وخُذوا العُشْرَ مِنْ أثمانِها" (٢).

فائدة

إذا غصَبَ مالًا وبنى به رباطًا أو مسجدًا أو قنطرةً، فهل ينفعُه ذلك، أو يكونُ الثواب للمغصوب منه؟.

قال ابنُ عَقِيل: لا ثوابَ على ذلك لواحدٍ منهما، أما الغاصبُ فعليه العقوبةُ، وجميع تصرُّفاته في مال الغير آثامٌ متكررة، وأما صاحبُ المال فلا وجهَ لثوابه، لأن ذلك البناء لم يكن فيه نِيَّةٌ ولا حِسبة، وما لم يكنْ للمكلَّف فيه عمل ولا نية فلا يُثابُ عليه، وإنما يطالِبُ غاصِبَه يومَ القيامة فيأخذ من حَسنَاتِهِ بقدْر ماله.

قلت: في هذا نظرٌ؛ لأن النفعَ الحاصلَ للناس متولَّد من مال هذا وعمل هذا، والغاصبُ وإن عوقِبَ على ظلمه وتعدِّيه واقتَصَّ المظلومُ من حسناته فما تولَّد من نفع الناس بعَمَلِه له، وغَصْب المال عليه،


(١) (ق): "مسألة" وكذا الفائدتان بعدها.
(٢) أخرجه عبد الرزاق: (٨/ ١٩٥).