للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني

في المستعاذ به، وهو اللهُ وحده، رب الفلق، ورب الناس، ملك الناس، إله الناس، الذي لا ينبغي الاستعاذة إلا به، ولا يستعاذ بأحد من خلقه، بل هو الذي يعيذ المُستعِيذينَ، ويعصِمُهم ويمنعُهُم من شرِّ ما استعاذوا من شَرِّه.

وقد (ظ ١٢٩/ ب) أخبر اللهُ تعالى في كتابه عمن استعاذَ بخلقه، أن استعاذَتَهُ زادته طغيانًا ورهقًا، فقال حكاية عن مؤمني الجن: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦)} [الجن: ٦]، جاء في التفسير (١): أنه كان الرجلُ من العرب في الجاهلية إذا سافر فأمسى في أرض قَفْر، قال: أعوذ بسَيِّدِ هذا الوادي من شرِّ سفهاء قومه، فيبيت في أمنٍ وجوار منهم حتى يصبح، أيْ: فزاد الإنسَ الجنُّ باستعاذتهم بسادتهم رَهَقًا، أي: طغيانًا (٢) وإثمًا وشرًّا، يقولون: سُدْنا الإنسَ والجنَّ.

والرَّهَقُ في كلام العرب: الإثم وغِشْيان المحارم (٣)، فزادهم بهذه الاستعاذة غشيانًا لما كان محظوراً من الكِبْر والتعاظم، فظنوا أنهم سادوا الإنسَ والجنَّ.

واحتج أهل السُّنَة على المعتزلة في أن كلمات الله غيرُ مخلوقة


(١) جاء ذلك عن جماعة من السلف، انظر تفسير الطبري": (١٢/ ٢٦٣).
(٢) بعدها في (ق): "وغيًّا وإثمًا .. ).
(٣) انظر "القاموس": (ص/١١٤٨).