كما إذا قال:"غفرَ الله لك"، فإنك تقول:"ولك يغفر"، ويكون هذا أحسن من قولك:"وغفر لك"، وكذا إذا قال:"رحمة الله عليك" تقول: "وعليك"، وإذا قال:"عفا الله عنك" تقول: "وعنك"، وكذلك نظائره؛ لأن تجريد القصد إلى مشاركة المدعوّ له للدَّاعي في ذلك الدعاء، لا إلى إنشاء دعاء مثل دعائه، فكأنه قال: ولك أيضًا، وعنك أيضًا، أي: وأنت مشارك لي في ذلك مماثل لي فيه (ق / ١٥١ أ)، لا أنفردُ به عنكَ ولا أختصُّ به دونك. ولا ريبَ أن هذا المعنى يستدعي. تقديم المشارك المساوي فتأمله.
فصلٌ (١)
وأما السؤال الثامن: وهو ما الحكمة في ابتداء السلام بلفظ النكرة وجوابه بلفظ المعرفة؛ فتقول:"سلام عليكم" فيقول الرادُّ: "وعليك السلام "؟.
فهذا سؤال متضمن لمسألتين: إحداهما: هذه. والثانية: اختصاص النكرة بابتداء المكاتبة والمعرفة بآخرها، والجواب عنهما بذكر أصلٍ نُمَهِّده ترجع إليه مواقع التعريف والتنكير في السلام، وهو: أن السلام دعاءٌ وطلب، وهُم في ألفاظ الدعاء والطلب إنما يأتون بالنكرة، إما مرفوعة على الابتداء، أو منصوبة على المصدر، فمن الأول:"ويل له"، ومن الثاني:"خيبة له" و"جدعًا" و"عقرًا" و"تربًا" و" جَنْدلًا"، هذا في الدعاء عليه. وفي الدعاء له:"سقيًا" و"رعيًا" و"كرامة" و"مسرَّة"، فجاءَ "سلام عليكم" بلفظ النكرة كما جاءت سائر ألفاظ الدعاء. وسرُّ ذلك: أن هذه الألفاظ جرت مجرى النطق بالفعل، ألا
(١) النص في هذا الفصل مضطرب في نسخة (ظ ود) إلى "الفائدة الثالثة".