فهو المثابة للمحبين، يثوبون إليه ولا يقضون منه وطراً أبدًا، كلما
أزدادوا له زيارة (ظ/ ٨١ أ) ازدادوا له حبًّا وإليه اشتياقًا، فلا الوِصَال
يشْفيهم ولا البعاد يسليهم، كما قيل:
أطوفُ به والنفسُ بعد مَشُوقة ... إليه وهل بعد الطوافِ داني
وألثمُ منه الركنَ أطلبُ بَرْدَ ما ... بقلبيَ من شوقٍ ومن هيمان
فوالله ما أزدادُ إلا صَبَابةً ... ولا القلبُ إلا كثرةَ الخفقانِ
فيا جنةَ المأوى ويا غايةَ المنى ... ويا مُنْيَتي من دون كلِّ أمان
أبَتْ غَلَباتُ الشوقِ إلا تقرُّبًا ... إليك فما لي بالبعاد يدان
وما كان صَدِّي عنك صدّ ملالةٍ ... ولي شاهد من مقْلَتي ولساني
دعوتُ اصطباري عنك بعدك والبُكا ... فلبَّى البُكا والصبر عنك عصاني
وقد زعموا أَن المحبَّ إذا نأى ... سَيَبْلى هواه بعد طوكِ زمانِ
ولو كان هذا الزعم حقًّا لكان ذا ... دواء الهوى فى الناس كلّ أوان
بلى إنه يبلى التصبُّر والهوى ... على حاله لم يُبْلِه المَلَوان
وهذا محبٌّ قادَهُ الشوقُ والهوى ... بغير زمامٍ قائد وعنان
أتاك على بُعْد المزار ولو وَنَت ... مطيَّته جاءت به القدَمان
فائدة بديعة (١)
قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: ٢١٧] من
(١) "نتائج الفكر" (ص/ ٣١٢).