للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فهلا سموا ما حذفوه لفظًا وأرادوه نيَّةً: مضمرًا، مثل العائد في قولك: "الذي رأيت زيدٌ"، وما الفرق بينهما وبين: "زيد قام"؟.

قيل: الضميرُ في: "زيد قام" لم ينطق به ثم حُذِف، ولكنه مضمر في الإرادة، ولا كذلك الضمير المحذوف للعلم به، لأنه قد لُفِظ به في النطق ثم حُذِف تخفيفًا، فلما كان قد لفظ به ثم قطع من اللفظ تخفيفًا عبر عنه بالحذف، والحذف هو: القطع من الشيء. فهذا هو الفرق بينهما.

فائدة بديعة (١)

لحاق علامة التثنية (٢) والجمع للفعل مُقَدمًا، جاء في لغة قومٍ من العرب حرصًا على البيان وتوكيدًا للمعنى؛ إذ كانوا يسمون بالتثنية والجمع نحو: فلسطين وقِنَّسْرين، وحمدان وسلمان، مما يُشبه لفظه لفظ المثنى والجمع، فهذا ونحوه دعاهم إلى تقديم العلامة في قولهم: "أكلونى البراغيث"، وقد ورد فى الحديث: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ" (٣)، وكما أن هذه العلامة ليست للفعل إنما هي للفاعلين، وكذلك التاء في: "قامت هِند" ليست للفعل. [إذ الفعل] إنما هو حَدَث مذكَّر (٤) لا يلحقه تأنيث إلا في نحو: "ضرْبَة وقَتْلَة"، والفعل لم يشتق من


(١) انظر: "نتائج الفِكْر": (ص/ ١٦٦).
(٢) تصحفت في (ق) إلى "التأنيث".
(٣) أخرجه البخاري رقم، (٥٥٥)، ومسلم رقم (٦٣٢) عن حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وانظر المسألة في "البحر المحيط": (٣/ ٣٤)، و"فتح الباري": (٢/ ٤٢).
(٤) (ظ ود): "إذ هو حيث يذكر"!.