للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلُّ امرئٍ يَهْفو إلى مَنْ يحِبُّه ... وكلُّ امرئٍ يَصْبُو إِلى ما ينَاسِبه (١)

فصل

وقد عرفتَ بهذا جواب السؤال الحادي والعشرين، وأن كمال التحيةِ عند ذكر البركات، إذ قد استوعَبَت هذه الألفاظ الثلاث جميع المطالب من دفع الشرِّ، وحصول الخير، وثباته وكثرته ودوامه، فلا معنى للزِّيادة عليها، ولهذا جاءَ في الأثر المعروف: "انتهى السلامُ إلى: وبَرَكاته" (٢).

فصل

وأما السؤال الثاني والعشرون، وهو: ما الحكمة في إضافة الرحمة والبركة إلى الله تعالى، وتجريد السلام عن الإضافة؟.

فجوابه: أن السلامَ (ق ١٦٢/ ب) لما كان اسمًا من أسماء الله تعالى، استغنى بذكره مطلقًا عن الإضافة إلى المسمى، وأما الرحمة والبركة فلو لم يُضافا إلى الله لم يُعلم رحمة مَنْ ولا بركة مَنْ تطلب. فلو قيل: "عليكم ورحمته وبركته" لم يكن في هذا اللفظ إشعار بالراحم المبارك الذي تطْلَب الرحمة والبركة منه، فقيل: "ورحمة الله وبركاته"، وجواب ثانٍ وهو: أن السلام يُرَاد به قول المسلم: "سلام عليكم"،


(١) ذكره ابن القيم أيضًا في "مدارج السالكين": (٢/ ٣٨٦) بلا نسبة.
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ": (٢/ ٩٥٩) عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- وجاء نحوه عن ابن عمر وعمر عند البيهقي في "الشعب" -كما في "فتح الباري": (١١/ ٨) - وقال الحافظ عن الثاني: "رجاله ثقات".
ورواه الطبراني في "الأوسط": (١/ ٢٣٩) من حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الهيثمي في "المجمع": (٨/ ٣٧): "رجاله رجال الصحيح".