للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"المغضوب عليهم"، فالمقصود التحذير من صفتهم والإعراض عنهم وعدم الالتفات إليهم، والمعوَّل عليه من الأجوبة ما تقدَّم.

فصل

وأما المسألة السابعة: وهي تعدية الفعل هنا بنفسه دون حرف "إلى"، فجوابها: أن فِعْل الهداية يتعدَّى بنفسه تارة، وبحرف "إلى" تارةً، وبـ "اللام" تارة، والثلاثة في القرآن، فمن المُعَدَّى بنفسه: هذه الآية، وقوله: {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢)} [الفتح: ٢] ومن المعدى بـ "إلى"، قوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢)} [الشورى: ٥٢] وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: ١٦١] ومن المعدَّى باللام قول أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: ٤٣]، وقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩].

والفرق بين هذه (١) المواضع تدقُّ جدًّا عن أفهام العلماء، ولكن نذكر قاعدةً تشير إلى الفرق، وهي: أن الفعل المُعَدَّى بالحروف المتعدِّدة لابد أن يكون له مع كلِّ حَرْف معنًى زائد على معنى الحرف الآخر، وهذا بحسب اختلاف معاني الحروف، فإن ظهر اختلاف الحرفين ظهر الفرق، نحو: رغبتُ فيه ورغبتُ عنه، وعدلتُ إليه وعدلتُ عنه، ومِلْتُ إليه وعنه، وسعيتُ إليه وبه، وإن تقارب (٢) معنى الأدوات عَسُرَ الفرق، نحو: قصدت إليه وقصدت له، وهديته إلى كذا وهديته لكذا، وظاهريَّة النحاةِ يجعلون أحد الحرفين بمعنى الآخر، وأما فقهاء أهل العربية فلا يرتضون هذه الطريقة، بل


(١) تحرفت في (ظ ود).
(٢) (ظ ود): "تفاوت"