للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغاسق هو الثُرَيَّا إذا سقطت، فإن الأسقامَ تكثُرُ عند سقوطها وغروبها وترتفِعُ عند طلوعها؟.

قيل: إن أراد صاحبُ هذا القول اختصاصَ الغاسق بالنجم إذا غَرَبَ فباطلٌ، وإن أراد أن اسم الغاسق يتناول ذلك بوجهٍ ما، فهذا يحتملُ أن يدلَّ اللفظُ عليه بفحواه ومقصوده وتنبيهه، وأما أن يختصَّ اللفظُ به فباطل.

فصل

والسبب الذي لأجله أمر الله بالاستعاذة من شر الليل، وشر القمر إذا وقب هو: أن الليل إذا أقبلَ فهو محلُّ سلطان الأرواح الشِّرِّيرة الخبيثة وفيه تنتشر الشياطين، وفى "الصحيح" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن الشمس إذا غربت انتشرت الشياطين ولهذا قال: "فَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ واحْبِسُوا مَوَاشِيَكُمْ حَتّى تَذْهَب فَحْمَةُ العِشَاءِ" (١).

وفى حديث آخر: "فَإِنَّ اللهَ يَبُثُّ مِنْ خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ" (٢)، والليلُ هو محلُّ الظلام، وفيه تتسلَّطُ شياطينُ الإنس والجن ما لا تتسلَّطُ بالنهار، فإن النهار نورٌ, والشياطين إنما سلطانهم في الظلمات والمواضع المظلمة والمظالم وعلى أهل الظلمة.

وروي أن سائلاً سأل مُسَيْلَمَةَ: كيف يأتيك الذي يأتيكَ؟ فقال: في


(١) أخرجه البخاري رقم (٣٢٨٠ و ٣٣١٦ وغيرها)، ومسلم رقم (٢٠١٢ و ٢٠١٣) من حديث جابر -رضي الله عنه- بنحوه.
وقوله في الحديث: "فاكفتوا" قال الحافظ: "بهمزةِ وصلٍ وكسر الفاء ويجوز ضمها، بعدها مثناة، أي: ضمُّوهم إليكم" اهـ من "فتح الباري": (٦/ ٤١٠).
(٢) أخرجه أحمد: (٢٢/ ١٨٨ رقم ١٤٢٨٣)، وأبو داود رقم (٥١٠٤) وغيرهما من حديث جابرٍ أيضًا.