للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: أنَّ الإكراه على التَّكَلُّم بكلمة الكفر يخرجها عن كونها كفرًا مرَّةً طمأْنِينَةِ القلب بالإيمان، وكعب كان قد اشتدَّ في أذى المسلمين وبالغ في ذلك، فكان يحرِّضُ على قتالهم، وكان في قتلِه خلاصُ المسلمين من ذلك، فكأنَّه أكرَه الله عنه - النّاسَ على النُّطق بما نَطَقُوا به وألجأهم إليه، فدفعوا عن أنفسهم بألسنتِهم، مع طمأْنِينَةِ قلوبِهم: بالإيمان، وليس هذا بقويٍّ.

الجواب الثاني: أن ذلك النيل والكلام لم يكن صريحًا بما يتضمَّن كفرًا، بل تعريضًا وتوريةً مقاصِدُ صحيحةٌ موهِمَةٌ موافَقَته في عرَضِه، وهذا قد يجوزُ في الحرب الذي هو خُدعة.

الجواب الثالث: أن هذا الكلام والنيل كان بإذنه - صلى الله عليه وسلم - والحقُّ له، وصاحبُ الحق إذا أَذنَ في حقِّه لمصلحةٍ شرعية عامَّة لم يكن ذلك: محظورًا.

فائدة

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يَنْبَغِي لِنبِيٍّ إذَا لَبسَ لأُمَتَهُ أَنْ يَنْزِعَهَا، حَتَّى يَحْكُمَ الله بَيْنَه وَبَينَ أَعْدائهِ" (١) احتج من يقولُ: إنَّ النوافلَ تلزمُ بالشروع، وأن الشروعَ فيها جار مجرى التزامِها (٢) بالنَّذر، فإن الشروع التزام بالفعل، والنَّذْر التزامٌ بالقول، والالتزامُ بالفعل أقوى لأنه الغاية.


(١) أخرجه أحمد: (٢٣/ ٩٩ رقم ١٤٧٧٨٧)، والدارمي: (٢/ ١٢٩)، والنسائى في "الكبرى" رقم (٧٦٤٧) من حديث جابر -رضي الله عنه- وسنده صحيح، وله شاهد من حديث أبي عبَّاس أخرجه الحاكم: (٢/ ١٢٨ - ١٢٩)، والبيهقي: (٧/ ٤١).
(٢): (ع): "جارٍ مجراها: بالتزامها".