للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

وأما مسألة: "كلُّ ذلك لم يكن"، و "لم يكن كل ذلك"، و "لم أصنع كلَّه"، و"كلُّه لم أصنعه"؛ فقد أطالوا فيها القولَ وفرَّقوا بين دلالتي الجملة الفعلية والاسمية، وقالوا: إذا قلتَ: "كل ذلك لم يكن"، و"كله لم أصنعه"؛ فهو نفي للكل بنفي كلِّ فردٍ من أفراده فيناقض الإيجاب الجزئي وإذا قلت: "لم أصنع الكلَّ" و "لم يكن كل ذلك"؛ فهو نفي للكُلِّية دون التعرُّض لنفي الأفراد، فلا يناقضه الإيجاب الجزئي، ولا بد من تقرير مقدمة تُبْنى عليها هذه المسألة وأمثالها، وهي: أن الخبرَ لا يجوز أن يكون أخص من المبتدأ، بل يجوز أن يكون أعم منه ومساويًا له؛ إذ لو كان أخص منه لكان ثابتًا لبعض أفراده، ولم يكن خبرًا عن جملته، فإن الأخص إنما يثبت لبعض أفراد الأعم.

وأما إذا كان أعم منه، فإنه لا يمتنع؛ لأنه يكون ثابتًا بجملة أفراد المبتدأ وغيرها، وهذا غير ممتنع. فإذا عرف ذلك، فإذا كان المبتدأ لفظة "كل" الدال على الإحاطة والشمول، وجب أن يكون الخبر المثبت حاصلًا لكلِّ فردٍ من أفراد "كل"، والخبر المنفي مثبتًا عن كلِّ فرد من أفراده، سواء أضفت "كلَّا" أو قطعتها عن الإضافة، فإن الإضافة فيها مَنْويَّة معنىً وإن سقطت لفظًا، فإذا قلت: "كلهم ذهب" و"كلكم سَيَروَي" أو: "كل ذهب" و "كل سَيَروَى" (٢) عمَّ الحكمُ أفرادَ المبتدأ، فإذا كان الحكم (٣) سلبًا، نحو: "كلُّهم لم يأتِ، وكلُّ


(١) (د): "فائدة".
(٢) "كل ذهب وكل سيروى" سقطت من (ق).
(٣) " أفراد المبتدأ، فإذا كان الحكم" ساقط من (د).