للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك تعوُّذُه - صلى الله عليه وسلم -: "مِنَ المَأثَمِ وَالمَغْرَمِ" (١) فإنهما يسببان الألم العاجل والآجل (٢) , ومن ذلك قوله: "أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ, وبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ" (٣) , فالسخط سبب الألمِ, والعقوبة هي الألم, فاستعاذ من أعظم الآلام وأقوى أسبابها.

فصل

والشرُّ المستعاذُ منه نوعان:

أحدهُما: موجود يُطلب رفعه.

والثاني معدومٌ يطلبُ بقاؤه على العدم وأن لا يوجد.

كما أن الخير المطلق نوعان:

أحدهما موجودٌ فيطلب دوامه وثباته وأن لا يسلبه.

والثاني معدومٌ فيطلب وجوده وحصوله.

فهذه أربعةُ هي أمهات مطالب السَّائلين من ربِّ العالمَين, وعليها مدارُ طَلَبَاتِهِم, وقد جاءت هذه المطالبُ الأربعةُ في قوله تعالى حكايةً (٤) عن دعاء عباده في آخر آل عمران في قولهم: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} [آل عمران: ١٩٣] فهذا الطلب لدفع الشر الموجود فإن


(١) أخرجه البخاري رقم (٨٣٢) , ومسلم رقم (٥٨٩) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) من (ق).
(٣) تقدم ١/ ٢٩٤.
(٤) (ق): "في الآية".