للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأنه وليٌّ؛ لأن الولاية هي القربُ من الله عز وجل، فوليُّ الله هو القريبُ منه المختصُّ به، والولاءُ هو في اللغة القربُ، ولهذا القُرْب علاماتٌ وأدِلَّةٌ، وله أسبابٌ وشروط وموجبات، وله موانعُ وآفاتٌ وقواطعُ، فلا يعلمُ العبدُ هل هو وليٌّ لله أم لا.

وأما الإيمانُ؛ فهو أن يؤمنَ بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله ولقائه، ويلتزمُ أداء فرائضه، وترك محارمه، وهذا يمكنُ أن يعلمَه من نفسه، بل ويعلمُهُ غيرُه منه.

والذي يظهرُ لي من ذلك أن ولايةَ الله تعالى نوعان: عامَّة وخاصَّة، فالعامَّة: ولايةُ كلِّ مؤمن، فمن كان مؤمنًا لله (١) تقيًّا (ق/ ٢٤٨ ب) كان وليًّا له، وفيه من الولاية بقدْر إيمانه وتقواه، ولا يمتنعُ في هذه الولاية أن يقول: "أنا وليٌّ لله إنْ شَاءَ اللهُ"، كما يقول: "أنا مؤمنٌ إنْ شاءَ اللهُ".

والولايةُ الخاصَّةُ: إن علم من نفسِه أنه قائمٌ لله بجميع حقوقه، مؤْثِرٌ له على كلِّ ما سواه في جميع حالاته، قد صارت مراضي الله ومحابُّهُ هي همَّهُ ومتعلقَ خواطِرِهِ، يصبحُ ويمسي وهمُّه مرضاة ربِّه، وإن سخِطَ الخلقُ، فهذا إذا قال: "أنا وليُّ لله" كانَ صادِقًا.

وقد ذهب المحققونَ في مسألة: "أنا مُؤْمِنٌ" إلى هذا التَّفصيل بعينه، فقالوا: له أن يقولَ: "آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه"، ولا يقولُ: "أنا مؤمنٌ"؛ لأن قوله: "أنا مؤمنٌ"، يُفيدُ الإيمانَ المطلَقَ الكاملَ الآتي صاحبُه: بالواجباتِ، التاركُ للمحرَّماتِ، بخلاف قوله: "آمنت باللهِ". فتأمَّلْه.

* إذا دخل خارجيٌّ أو قاطعُ طريقٍ إلى بَلَد، وقد غصَبَ الأموالَ


(١) (ق): "بالله".