للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

*جَرَى الدمَيان بالخَبَر اليقينِ (١) *

فصل (٢)

ومن حيث امتنع أن يؤكَّد الفعل العام بالمصدر لشيوعه -كما يمتنع توكيد النكرة لشيوعها، وأنها لم تَثبت لها عينٌ- لم يَجُز أن يخبر عنه كما لا يخبر عن النكرة، لا تقول: من فعل كان شرَّا له، بخلاف: من كذب كان شرًّا له؛ لأن "كذب" فعل خاصُّ فجاز الإخبار عما تضمَّنه من المصدر، ومن لمَّ لم يقولوا: "فعلت سريعًا" ولا: "عملت طويلاً"، كما قالوا: "سرت سريعا" و"جلست (٣) طويلاً" على الحال من المصدر كما يكون الحال من الاسم الخاص ولا يكون من النكرة الشائعة.

فإن قلت: اجعله نعتا للمفعولِ المطلق، كأنك قلت: "فعلت فعلا سريعا"، و"عملت عملاً كثيرًا".

قيل: لا يجوز إقامة النعت مقام المنعوت إلا على شروط مذكورة في موضعها، فليس قولهم: "سرت سريعا" نعتًا لمصدر نكرة محذوفة، إنما هو حال من مصدر في حكم المعرفة بدلالة الفعل الخاص عليه، فقد استقام الميسم (٤) للناظر في فصول هذه المسألة، واستتبَّ القياس فيها من كل وجه.

فإن قيل: فما قولكم في "عَلِمت عِلمًا"، أليس هو مصدرًا لعلمت،


(١) عجز بيتٍ لعلي بن بدال بن سليم، وصدره:
* فلو أنَّا على جُحْرِ ذُبحْنا *
من انظر: "الخزانة": (٧/ ٤٨٢)، والبيت في "الأغاني": (٢٤/ ٢٥٤) بلا نسبة.
(٢) "نتائج الفكر": (ص/ ٣٦٧).
(٣) (ق): "فعلت"، و (د): "حصلت".
(٤) باليا: العلامة. وبالنون -المنسم- أي: الطريق، وأصله خُفّ البعير.