وجودي وعدمى، يعني: أن وجود كذا شرط في الحكم، وعدم كذا شرط فيه، وهذا متَّفقٌ عليه بين الفقهاء والأصوليين والمتكلمين وسائر الطوائف، وما كان عَدَمُهُ شرطًا فوجودُهُ مانِعٌ، كما أن ما وجوده شرطٌ فعدمه مانعٌ.
فعدمُ الشرطِ مانع من موانع الحكم، وعدم المانع شرط من شروطه، وبالله التوفيق.
فائدة
الحاكمُ محتاج إلى ثلاثة أشياءَ لا يَصِحُّ له الحكمُ إلا بها: معرفة الأدلة، والأسباب، والبينات.
فالأدلَّةُ، تُعَرِّفْهُ الحكمَ الشَّرعيَّ الكُلِّيَّ. والأسبابُ، تُعَرِّفُهُ ثبوتَه في هذا المحلِّ المُعيَّن أو انتفاءَه عنه. والبَيِّنات، تعرِّفْهُ طريقَ الحكم عند التَّنازعُ، ومتى أخطأ في واحدٍ من هذه الثلاثة أخطأ في الحكم، وجميعُ خطأ الحكَّام مداره على الخطأ فيها، أو في بعضها.
مثالُ ذلك: إذا تنازعَ عندَه اثنان في ردِّ سلعة مشتراة بعيب، فحكمُهُ موقوفٌ على العلم بالدَّليل الشَّرعي الذي يُسَلِّطُ المشتريَ على الرَّدِّ، وهو إجماعُ الأمةِ المستندُ إلى حديث المُصرَّاة وغيره. وعلى العلم بالسَّبب المثبتِ لحكم الشَّارع (١) في هذا البيع المعَيَّن، وهو كون هذا الوصف عيبًا يسلَّط على الرَّدِّ أم ليس بعيب، وهذا لا يتوقَّفُ العلمُ به على الشَّرع بل على الحِسِّ أو العادة أو العُرْف أو الخبر، ونحو ذلك. وعلى البيِّنة التي هي طريقُ الحكم بين