للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أما المتكلِّمُ: فكونُه أراد ذلك المعنى الذي عيَّنَه الصارفُ، وأما الواضعُ فكونُه وضعَ اللفظَ المذكورَ دالًّا على هذا المعنى، فإن لم تكنْ دعواهُ مطابِقَةً كان كاذِبًا على المتكلِّمِ والواضِعِ.

بخلافِ مُدَّعي الحقيقة، فإنه إذا تضمَّنَتْ دعواهُ إرادةَ المتكلِّمِ للحقيقة وإرادة الواضِع كان صادقًا، أما صدقُهُ على الواضِع فظاهر، وأما صدقُهُ على المتكلِّمِ (١) معرفةُ مُرَادِ المتكلِّمِ إِنما يحصلُ بإعادَتِهِ من كلامِه، وأنه إنما يخاطِبُ غيرَه للتفهيمِ والبيانِ، فمتى عُرِفَ ذلك من عَادتِهِ وخاطبنا لما هو المفهومُ من ذلك الخطابِ عَلِمْنا أنه مُرَادُهُ منه، وهذا بحمدِ الله بَيِّنٌ لا خَفَاءَ فيه.

[فائدة]

دلالةُ اللفظِ على مُدَّعَى المستدلِّ شيءٌ، ودلالَتُهُ على بطلانِ قول منازِعِهِ شيءٌ آخَرُ، وهما متلازمانِ، إن كان القولانِ متقابِلَيْنِ (٢) تقابُلَ التَّنَاقُضِ، فللمستدلِّ حينئذٍ تصحيحُ قولِهِ بأيِّ الطريقينِ شاء، وإن تقابلا تقابُلَ التَّضادِّ لم يلزمْ من إقامتِهِ الدليلَ على بُطلانِ مذهبِ منازعِهِ صِحَّةُ مذهبِه هو بجواز بطلانِ المذهبينِ، وكون الحقِّ في ثالثٍ، وإن أقام دلَيلًا على صحةِ قولِهِ لزمَ منه بطلانُ قول منازعِهِ لاستحالةِ جمعِ الضِّدَّيْنِ.

[فائدة]

الاستدلالُ شيءٌ والدلالةُ شيءٌ آخَرُ (٣)، فلا يلزمُ من الغَلَطِ في


(١) بعده في الأصل بياض بمقدار كلمة.
(٢) (ظ): "متقابلان" والمثبت الصواب.
(٣) "والدلالة شيء آخر" سقطت من (ظ)، والإكمال من "المنيرية".