للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفائدة ثالثة: وهي أنه قد تقدَّم أن المناسب في حقِّه تقديم المسلَّم عليه على السلام، فلو نكَّره وقال: "عليك سلام" لصار بمنزلة قولك: "عليك دَيْن" و"في الدار رجل"، فخرجه مخرج الخبر المحض، وإِذا صار خبرًا بطل معنى التحية؛ لأن معناها الدعاء والطلب، فليس بمسلم من قال: "عليك سلام"، إنما المسلِّم من قال: "سلام عليك"، فعرّف سلام الراد بـ "اللام" إشعارًا بالدعاء للمخاطَب، وأنه رادٌّ عليه التحيَّة، طالبٌ له السلامةَ من اسم "السلام"، والله أعلم.

فصل

وأما المسألة الثانية: وهي ابتداء السلام في المكاتبة بالنكرة واختتامها بالمعرفة، فابتداؤها بالنكرة كما تقدم في ابتداء السلام النطقي بها سواء، فإن المكاتبة (١) قائمة مقام النطق.

وأما تعريفه في آخر المكاتبة ففيه ثلاث فوائد:

أحدهما: أن السلام الأول قد وقع الأُنْسُ بينهما به، وهو مُؤْذِن بسلامه عليه خصوصًا، فكأنه قال: "سلام مني عليك" كما تقدم، وهذا أيضًا من فوائد تنكير السلام الابتدائي، للإيذان (٢) بأنه سلامٌ مخصوص من المسلِّم، فلما استقرَّ ذلك وعلم في صدر الكتاب؛ كان الأحسن أن يسلِّم عليه سلامًا هو أعم من الأول، لئلَّا يبقى تكرارًا محضًا، بل يأتي (٣) بلفظٍ يجمع سلامَه وسلامَ غيره، فيكون قد جمع له بين السلامَيْن الخاص منه والعام منه ومن غيره. ولهذه الفائدة


(١) (ق): "الكتابة".
(٢) ساقط من (ق).
(٣) (ق): "يبقى".