للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تذهب النية والوهم إلى غير موضعه، بخلاف اللفظي فإن محل اللفظ اللسان ومحل المعني القلب، فإذا ذهب اللسان باللفظ إلى غير موضعه (١)، لم يذهب القلب بالمعنى إلا إلى موضعه، وهو التقديم.

فصل

وأما السؤال السابع: وهو كيف (٢) يتصور الحال في غير المشتق؟.

فاعلم أنه ليس لاشتراط الاشتقاق حجة، ولا يقوم على هذا الشرط دليل، ولهذا كان الحُذَّاق من النحاة على أنه لا يشترط، بل كلُّ ما دلَّ على هيئةٍ صحَّ أن يقع حالاً، فلا يشترط فيها إلا أن تكون دالة على معنى متحول، ولهذا سميت حالاً كما قال:

لَوْ لم تَحُلْ ما سُمِّيَتْ حالا ... وكلُّ ما حالَ فَقَد زالا

فإذا كان صاحبُ الحال قد أوقع الفعلَ فى صفةٍ غير لازمةٍ للفعل، فلا تُبال أكانت مشتقة أم غير مشتقة؛ فقد جاء فى الحديث: "يتمثَّلُ لي الملكُ رَجُلاً" (٣) فوقع "رجلاً" هنا حالاً؛ لأن صورة الرجليَّة طارئة على الملَك فى حال التمثُّل، وليست لازمة للملَك إلا في وقت وقوع الفعل: منه وهو التمثل، فهي إذًا حال؛ لأنه قد تحول: إليها، ومثله: {يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [غافر: ٦٧] ومثله: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} [الأعراف: ٧٣]، ومثله: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا} [مريم: ١٧]، ويقولون: "مررتُ بهذا العودِ شَجَرًا ثم مررتُ به رَمَادًا"، و"هذا زيد أسدًا"، وتأويل هذا كلَّه بأنه معمول الحال، والتقدير: يُشْبِه، بعيدٌ


(١) من قوله: "بخلاف اللفظي .... " إلى هنا ساقط من (د).
(٢) (ق): "كيف لم".
(٣) تقدم تخريجه ٢/ ٥٦٨.