للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتيتُ الأطناب، فقلت: يا أميرَ المؤمنينَ إنكَ لم تقرأْ شيئًا، فقال: لقد رأيتني أجهز عِيرًا: بكذا وأفعل كذا، قال: فأمَرَ المُؤذِّنِينَ فأذّنوا. وأقاموا فأعاد بنا الصلاة (١).

قال القاضي: إذا قلنا: يعيدُ فإنه يعيدُ الأذان، قال أحمد في رواية إسماعيلَ بن سعيد وقد سأله: هل يعيدونَ الأذان والإقامةَ إذا كانوا على ذلك؛ قال: نعم. ووجهه حديث عُمَرَ، ولأن فيه إعلامَ النَّاسِ ليجتمعوا للإعادة.

* وروى عنه أحمد بن الحسن التِّرمذي، وقد سئل عن حديث عُمَرَ أنه صلّى بالناس وهو جُنُبٌ فأعاد ولم يُعيدوا (٢)، قال: هكذا نقول. قلت: فإن لم يقرأ الإمامُ الجُنُبُ والذي على غير طُهْر، ومن خَلْفه؟ قال: يُعيدُ ويُعيدونَ. انتهى.

قلت: والفرقُ بين ترك القراءة وترك الطَّهارة أن القراءةَ يتحمَّلُها الإمامُ عن المأمون، (ظ/١٧٣ ب) فإذا لم يقرأْ لم يكنْ ثَمَّ تَحَمُّلٌ: والطَّهارةُ لا يتحمَّلُها الإمامُ عن المأموم، فلا يتعدَّى حكمُها إلى المأموم بخلاف القراءة، فإن حكمَها يتعدَّى إليه.

فإن قيل: فكيف يحمِلُ الجُنُبُ القراءةَ عن المأموم، وليس من أهل التَحَمُّل؟.

قيل: لما كان معذورًا بنِسيانه حَدَثَهُ نُزِّلَ في حقِّ المأموم منزلةَ الطَّاهر، فلا يُعيدُ المأمومُ، وفي حق نفسه تلزمُهُ الإعادةُ، وهذا


(١) أخرجه أحمد من هذا الطريق في "مسائل صالح": (ص/ ١٧٤)، وعبد الرزاق: (٢/ ١٢٥)، والبيهقي: (٢/ ٣٨٢) من مرسل الشعبي والنخعي.
(٢) أخرجه عبد الرزاق: (٢/ ٣٤٨)، والبيهقى: (٢/ ٣٩٩).