للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأشياء (١)، مع إتيانه بالشهادتين، وتلك صور عديدة.

فائدة (٢)

سأل سائل فقال: إذا كانت الجنَّةُ لا موتَ فيها فكيف يأكلون فيها: لحمَ الطير وهو حيوان قد فارقته الروح؟

فأجيبَ: بأنه يجوزُ أن لا يكون ميتًا، وهذا جواب في غاية الغَثَاثَة!.

قال ابنُ عقيل: وما الذي أحوجه إلى هذا والجنَّة دارٌ لا يُخْلَقُ فيها أذىً ولا نَصَبٌ، لا مطلقًا، بل لا يدخل الداخل إليها ذلك على طريق الإكرام كما قال تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (١١٩)} [طه: ١١٨ - ١١٩] وذلك مشروطٌ بالطاعة، فإذا جاز ذلك في حق آدَمَ عُلِم أنه ليس بواجب في حق الطير، ولا يمتنع: في قدرة اللهُ تعالى أن يكون هذا الطائر مشويًّا لا عن روُح خرجت منه، أو عن روح خرجتْ خارجَ الجنة، وولَجَ الجنة وهو لحمٌ مشويٌّ.

قلت: وما الذي أوجبَ هذا التَّكَلُّفَ كُلَّه، فالجنةُ دارُ الخلود لأهلها: وسكانها، وأما الطيرُ (ق/ ٢٧٥ ب) فهو نوعٌ من أنواع الأطعمة التي يحدِثُها: اللهُ لهم شيئًا بعد شيء، فهو دائمُ النوع، وإن كانتْ آحادُهُ (٣) مُتصَرِّمَة كالفاكهة وغيرها، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنَّ المُؤْمِنينَ يُنْحَرُ: لهم يَوْمَ القيامَةِ ثَوْرُ الجَنَّةِ الذي كان يَأْكُلُ منها، فَيَكُونُ نُزُلَهُمْ" (٤)، فهذا حيوانٌ قد كان يأكلُ من الجنة فَيُنْحَرُ نُزُلاً لأهلها، والله أعلم.


(١) (ظ): "الأسباب".
(٢) (ق): "مسألة".
(٣) تحرفت في النسخ إلى أنحاء شتى.
(٤) أخرجه مسلم رقم (٣١٥) من حديث ثوبان -رضي الله عنه-.