للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا حذفَ، وإن كان المراد بها المسكن؛ فعلى حَذْف المضاف، فأين التسوية والتنظير؟!.

تنبيه (١): قولهم: "علمت" و"ظننتُ" يتعدَّى إلى مفعولين، ليس هنا مفعولان في الحقيقة، وإنما هو المبتدأ والخبر، وهو حديث: إما معلوم وإما مظنون، فكان حق الاسم الأول أن يرتفعَ بالابتداء. والثاني بالخبر، ويُلْغى الفعلُ، لأنه لا تأثير له في الاسم، إنما التأثير لـ "عرفت" الواقعة على الاسم المفرد تعيينًا وتمييزاً، ولكنهم أرادوا تشبُّث "علمت" بالجملة التي هي الحديث، كيلا يتوهَّم الانقطاع بين المبتدأ وبين ما قبله؛ لأن الابتداء عامل في الاسم وقاطع له مما قبله، وهم إنما يريدون إعلام المخاطب بأن هذا الحديثَ معلوم، فكان إعمال "علمت" فيه (ق/١١٣ ب) ونصبُه. له إظهارًا لتشبُّثِها، ولم يكن عملها في أحدِ الاسمين أولى من الآخر، فعملت فيهما معاً (٢).

وكذلك "ظننت"، لأنه لا يتحدث بحديث حتى يكون عند المتكلم إما مظنونًا وإما معلومًا، فإن كان مشكوكًا فيه أو مجهولاً عنده، لم يسعه الحدث به (٣)، فمن ثَمَّ لم يُعْمِلوا "شككت" ولا "جَهِلت" فيما عملت فيه "ظننت"؛ لأن الشكَّ تردد بين أمرين من غير اعتماد على أحدهما، بخلاف الظن فإنك معتمدٌ على أحد الأمرين، وأما العلم؛ فأنت فيه قاطع بأحدهما، ومن ثَمَّ تعدى الشك بحرف "في" لأنه مستعار من "شككتُ الحائطَ بالمسمار"، وشكُّ الحائط إيلاجٌ فيه من غير ميل إلى أحد الجانبين، كما أن الشكَّ في الحديث تردد فيه في


(١) "نتائج الفكر": (ص/ ٩ ٣٣)، وفي (د): "تتمة".
(٢) (ظ ود): "جميعًا".
(٣) "النتائج": "لم يَسُغ له الحديث".