للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن جهة اعتبار حال المخبر ينشأُ التقسيم إلى المدح والحمد، فإن المخبر عن محاسن الغير؛ إما أن يقترن بإخباره حُب له وإجلال أَوْ لا، فإن اقترن به الحب فهو الحمد، وإلا فهو المدح، فَحَصِّلْ هذه الأقسام ومَيِّزْها، ثم تأمَّل تنزيل قوله تعالى فيما رواه عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يقول العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمَينَ}، فيقول الله: "حَمِدَني عبدني"، فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال: "أثنى عَليَّ عبدي" لأنه كرَّر حمده. فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قال: "مَجدَني عبدي" (١) فإنه وصَفَه بالمُلْك والعَظَمة والجلال.

فاحْمدِ اللهَ على ما ساقه إليك من هذه الأسرار والفوائد عَفوًا لم تسهر فيها عينُك، ولم يسافر فيها فكرُك عن وطنه، ولم تتجرَّد في تحصيلها عن مألوفاتك، بل هى عرائس معانٍ تُجلى عليك وتُزف إليك، فلك لذة التمتع بها ومهرها على غيرك، لك غُنْمها وعليه غُرْمها.

فصل

فلنرجع إلى كلامه (٢) قال: "وكل ما حدِّد من المصادر تجوز تثنيته وجمعُه، وما لم يُحَدد فعلى الأصل الذي تقدَّم لا يثنى ولا يجْمَع، وقولهم: "إلا أن تختلف أنواعه"، لا تختلف أنواعه إلا إذا كان عبارة عن مفعولٍ مطلق اشْتُقَّ من لفظ الفعل لا عن مصدر اشْتُق الفعلُ منه، ولذلك تجده على ورد "فَعِل" بالكسر، وعلى ورد "فُعْل نحو: "شُغْل"، وعلى وزن "فَعَل" (٣) نحو: "عَمل"، والذي


(١) أخرجه مسلم رقم (٣٩٥) من حديث أبى هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) في "نتائج الفكر": (ص/ ٣٧١).
(٣) "نحو "شُغل على وزن فَعَل" ساقط من (ظ ود).