للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما، بل يبقى على إطلاقه (١).

فائدة

إنما يحمل المطلق على المقيد إذا لم يستلزمْ حملُه تأخيرَ البيان عن وقت الحاجةِ، فإن استلزمَهُ حُمل على إطلاقه، وله مثالان:

أحدهما: قوله - صلى الله عليه وسلم - بعرفات: "مَنْ لم يَجِدْ نعْلَيْنِ، فَلْيلْبس خُفَّيْنِ" (٢) ولم يشترط قطعًا، وقال بالمدينة على المِنبَر لمَنْ سأله ما يَلبسُ المحرم؛: "مَنْ لم يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيلْبس خفَّيْنِ (٣)، ولْيقْطَعْهمَا أسفَلَ مِنْ كعْبَيهِ" (٤).

فهذا مقيَّد ولا يحمَلُ عليه ذلك المطلقُ؛ لأن الحاضرين معه بعرفات من أهل اليمن ومكة والبوادي، لم يشهدوا خُطبته بالمدينة، فلو كان القطع شرطًا لبيَّنَه لهم، لعدم علمهم به، ولا يمكن اكتفاؤهم بما تقدَّم من خطبته بالمدينة.

ومن هنا قال أحمد ومَن تَابَعَهُ: إن القطع منسوخٌ بإطلاقِهِ بعرفات اللُّبْس، ولم يأمر بقطع في أعظم أوقات الحاجة.

المثال الثاني: قول لمن سألته عن دم الحيض: "حُتِّيهِ ثم اغْسِلِيهِ" (٥)


(١) انظر "فتح الباري": (١/ ٣٣١ - ٣٣٣).
(٢) أخرجه البخاري رقم (١٨٤١)، ومسلم رقم (١١٧٨) من حديث ابن عباس -رضي الله عنه-.
(٣) من قوله: "ولم يشترط ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٤) أخرجه البخاري رقم (٣٠٧)، ومسلم رقم (١١٧٧) من حديث ابن عمر -رضي الله عنه-.
(٥) أخرجه البخاري رقم (٣٠٧)، ومسلم رقم (٢٩١) من حديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -، وروي من حديث جماعة من الصحابة.