للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا تَبَوَّءا البيوتَ لقومهما فهم تَبَعٌ لهما، ثم جَمَع الضميرَ فقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}؛ لأن إقامتها فرضٌ على الجميع، ثم وحَّده في قوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧)}؛ لأن موسى هو الأصل في الرسالة وأخوه رِدْءًا ووزيرًا، فكما كان الأصل في الرسالة فهو الأصلُ في البشارة، وأيضًا فإن موسى وأخاه لما أُرسلا برسالة واحدة كانا رسولًا واحدًا كقوله تعالى: {إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالمِينَ} [الزخرف: ٤٦] فهذا الرسول هو الذي قيل له: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧)}.

فائدة

الفقهاءُ يقولون: عَدَم المانع شرطٌ في ثبوتِ الحكمِ؛ لأن الحكمَ يَتَوَقَّفُ عليه، ولا يلزمُ من تحَقُق عدم المانع ثبوتُ الحكم، وهذا حقيقةُ الشرط، واعْتَرَضَ على هذا الشِّهابُ القَرَافِيُّ (١)، وزعم أنه غيرُ صحيح بأن قال: "المشكوكُ فيه ملغىً في الشريعة، فإذا شككنا في الشرط أو في السبب لم يترتَّبِ الحكمُ، وإذا شككنا في المانع رتبنا الحكمَ، كما إذا شككنا في رِدَّة زيد قبل وفاته، أو في طلاقه لامرأته لم يمنع ذلك تَرَتُّبَ الميراث".

ثم قال: "فلو كان عدمُ المانع شرطًا لاجتمعَ النقيضانِ فيما إذا شَككْنا في طَرَيان المانع؛ لأن الشَّكَّ في أحد النقيضين يُوجِبُ الشَّكَّ فيِ النقيضِ الآخر، فإذا شَكَكْنا في وجودِ المائع شككنا في عدمه ضَرُورَة، فلو كان عدمُه شرطًا لكنَّا قد شككنا في الشرط، والشَّكُّ في الشرط يمنعُ تَرَتُّبَ الحُكم، والشَّكُّ في المانعِ لا يمنع تَرَتُّبَ الحُكم، فيجتمعُ النقيضان".


(١) في كتابه "الفروق": (١/ ١١١ - ١١٢).