للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكأنما قامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ" (١).

ونظيره -أيضًا- قوله تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: ٩ - ١٠] فهي أربعةٌ باليومين الأولين، ولولا ذلك لكانت أيامُ التَّخليق ثمانية.

فائدة

لم أزل حريصًا على معرفة المراد بالقيراط في هذا الحديث، وإلى أيِّ شيءٍ نسبتُهُ، حتى رأيت لابن عَقِيل فيه كلامًا، قال: القيراطُ نصف سُدُس درهم مثلًا، أو نصفُ عُشر دينار، ولا يجوزُ أن يكون المُرادُ هاهنا جنسَ الأجر؛ لأن ذلك يدخلُ فيه ثوابُ الإيمان وأعماله كالصَّلاة والحج وغيره، وليس في صلاة الجنازة ما يبلُغ هذا، لم يبقَ إلا أن يرجِعَ إلى المعهود، وهو الأجرُ العائدُ إلى الميت، ويتعلَّق بالميت صبر على المُصَاب فيه وبه وتجهيزه (٢) وغسله ودفنه والتَّعزية به، وحَمْل الطعام إلى أهله وتسليتهم، وهذا مجموعُ الأجر الذي يتعلَّقُ بالميِّت، فكان للمصلِّي والجالس إلى أن يُقْبَرَ سُدُسُ ذلك، أو نصفُ سُدُسِه إن صلَّى وانصرف (٣).

قلت: كأنَّ مجموعَ الأجرِ الحاصل على تجهيز الميت من حين الفراق إلى وضعه في لحدِهِ، وقضاء حقِّ أهله وأولاده وجبرهم دينار مثلًا، فللمصلِّي عليه فقط قيراطٌ من هذا الدينار، والذي يتعارفه


(١) وانظر "فتح الباري": (٣/ ٢٣٥).
(٢) في المطبوعات: "بالميت أجر الصبر على المصاب فيه. وأجر تجهيزه".
(٣) وقد ذكر الحافظ هذا عن ابن عقيل في "الفتح": (٣/ ٢٣١) وقوَّاه.