للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مراعاةً لإعلاله قبل دخول الهمزة، ولهذا حيث نقلوه في التعجب فاعتقدوا إثبات الهمزة لم يُعَدُّوه إلى مفعول ثان، بل قالوا: "ما أضرب زيدًا لعمرو"، باللام؛ لأن التعجب تعظيم لصفة المتعجب [منه] (١)، وإذا كان الفعل صفة في الفاعل لم يُنْقل (٢)، ومن ثَمَّ صحَّحوه في التعجب، فقالوا: "ما أقومه وأطوله"! حيث لم يعتقدوا سقوط "الهمزة"، كما صححوا الفعل من "استحوذ"، و"اسْتَنْوَق الجمل" حيث كانت الهمزة والزوائد لازمة غير عارضة، والله أعلم.

فائدة (٣)

حذف "الياء" من "أمرتك الخير"، ونحوه إنما يكون بشرطين:

أحدهما: اتصال الفحل بالمجرور، فإن تباعد منه لم يكن بُد من "الياء"، نحو: "أمرت الرجل يوم الجمعة بالخير" (٤)؛ لأن المغنى الذي من أجله حُذِفت "الباء" معنًى وليس بلفظ وهو تضمُّنها معني "كلفتك"، فلم يقوَ على الحذف إلا مع القرب من الاسم، كما كان ذلك في "اخترت". ألا ترى إلى قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} [الأعراف: ٧٥] كيف أعاد حرف الجر في البدل لما طال بالصِّلة، وكذلك: {يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا (ظ/ ٨٥ ب) تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا} [البقرة: ٦١] على أحد القولين، أي: يُخرج لنا من بقل الأرض وقثائها. وقوله: {مِمَّا تُنْبِتُ} توطئة وتمهيد. والقول الثاني: أنها متعلقة بقوله: {تُنْبِت} أي مما تنبت


(١) من "النتائج" و"المنيرية".
(٢) "النتائج": "لم يتعد".
(٣) "نتائج الفكر": (ص/ ٣٣٦).
(٤) في الأصول: "الخير".