للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدليلِ وقوعِها للمضي في قوله: "ما مَضَى من الأمر"، وإنما جاءَ الاستقبالُ من جهة الظرفِ الذي جُعِلَ وقتًا للفعل.

فصل

وإذا نُفِيَ المضارع بـ "لا" فهل يختَصُّ بالاستقبال أو يصلحُ له وللحال؟

مذهبانِ للنُّحَاةِ؛ مذهب الأخفش: صلاحِيَّتُه لهما، ووافقه ابنُ مالك (١)، وزعم أنه لازمٌ لسيبويه، محتجًّا بإجماعهم على صحة. "قامَ القَوْمُ لا يكُونُ زَيْدًا" فهو بمعنى: "إلا زيدًا".

ومن ذلك قولهم: "أتُحِبُّه أمْ لا تُحِبُّهُ؟ " و"أتظنُّ ذلكَ أمْ لا تَظُنُّهُ؟ "، لا رَيْبَ أنه بمعنى الحال، وقولهم: "ما لك لا تَقْبَلُ وأراكَ لا تُبَالي"، قال تعالى: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ} [المائدة: ٨٤] و {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: ١٣] و {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} [النمل: ٢٠] {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} [يس: ٢٢] وزعم الزمخشريُّ (٢) أنه يَتَخَلَّصُ بها للاستقبالِ أخذًا من قول سيبويهِ (٣): "وإذا قال: "هو يَفْعَلُ" ولم يكن الفعلُ واقعًا، فإنَّ نفيَهُ: "لا يفعل" "، وهذا ليس صريحًا في اختصاصِهِ بالمستقبل، فإن (لا) تنفي الحالَ والاستقبالَ، وهو لم يقلْ: لا تنفي الحالَ، وإنما أراد سيبويه أن يفرِّقَ بينَ نفي الفعل بـ "ما" ونفيه بـ "لا" في أكثر الأمر، فقال: "وإذا قال: هو يفعلُ، أي: هو في حالِ فعلٍ، كان نفيُه ما يفعل، وإذا قال: هو يفعلُ، ولم يكن الفعلُ واقعًا، فإن نفيَهُ


(١) لم أعثر على كلامه.
(٢) في "المفصَّل": (٨/ ١٠٧ - ١٠٨ - مع شرحه لابن يعيش).
(٣) في "الكتاب": (٣/ ١١٧).