للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة (١)

كما أن "لن" لنفي المستقبل كان الأصل أن يكون "لا" لنفي الماضي، وقد اسْتعْمِلت فيه نحو: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١)} [البلد: ١١] ونحوه:

وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لا أَلَمَّا (٢).

ولكن عدلوا في الأكثر إلى نفي الماضي بـ "لم" لوجوه:

منها: أنهم قد خصُّوا المستقبل بلن (٣)، فأرادوا أن يخصوا الماضي بحرف، و"لا" لا تخص ماضيًا من مستقبل، ولا فعلًا: من اسم؛ فخصُّوا نفيَ الماضي بـ "لم".

ومنها: أن "لا" يتوهم انفصالها مما بعدها، إذ قد تكون نافية لما قبلها، ويكون ما بعدها في حكم الوجوب، مثل: {لَا أُقْسِمُ} [البلد: ١]، حتى لقد قيل في قول عمر: (لا، نقضي ما تجانفنا لإثم) (٤). إن "لا":


(١) "نَتائج الفكر": (ص/ ١٤١).
(٢) اختلف في قائله؛ فقيل: لأبى حِراش الهذلي، وقيل: لأمية بن أبى الصلت، وتمامه:
إنْ تعْفرِ اللهمَّ تَغْفِرْ جمًّا ... وأيُّ عبدٍ لكَ لا ألمَّاِ
انظر: "المغني" شاهد رقم (٤٠٣)، و"اللسان": (١٢/ ٥٥٣).
(٣) (ق): "بأن".
(٤) أخرجه عبد الرزاق فى "المصنّف": (٤/ ١٧٩)، وابن أبي شيبة: (٢/ ٢٨٧)، والبيهقي فى "الكبري": (٤/ ٢١٧).
كلهم من طرقٍ عن الأعمش، عن زيد بن وهب ... فى قصةٍ وفيها قول عمر: "والله لا نقضيه، وما تجانفنا لإثمٍ".
وأشار البيهقي إلي أن هذه الرواية مما نُقِم على زيد بن وهب، وأنه قد أخطأ فيها، وأن المحفوظ من قول عمر هو القضاء. =