للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ردعٌ لما قبلها، و"نقضي" واجب لا منفي.

وقال بعض الناس في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا، تَرَآي نَارَاهما" (١): إن "لا" ردعٌ وما بعدها واجب، وهذا خطأ في الأمرين وتلبيس لا يجور حمل النصوص عليه. وكذلك {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١)} [القيامة: ١] أيضًا، بل القولُ فيها أحد قولين: إما أن يقال: نفي للقسم وهو ضعيف، وإما أن يقال: أُقْحِمت أول القسم إيذانًا بنفي المقسم عليه وتوكيدًا لنفيه، كقول الصِّدِّيق -رضي الله عنه-: "لاهَا اللهِ، لا يَعْمِدُ إلى أَسَدٍ مِن أُسْدِ اللهِ" (٢) الحديث.

ومما يدل على حرصهم على إيصال حرف النفي بما بعده؛ قطعًا لهذا التوهُّم: أنهم قلبوا لفظ الفعل الماضي بعد "لم" إلى لفظ المضارع؛ حِرْصًا على الاتصال (٣)، وصرفًا للوهم عن ملاحظة الانفصال.

فإن قيل: وأي شيءٍ في لفظ (ق/٣٩ أ) المضارع مما يؤكد هذا


= وقوّى شيخ الإسلام في "الفتاوى": (٢٠/ ٥٧٢)، ثبوت قول عمر، ورجَّحه على الأمر بالقضاء. والتأويل المذكور فيه بُعد، ولم أجد في مصادر الأثر اللفظ المذكور.
(١) أخرجه أبو داود رقم (٢٦٤٥)، والترمذي رقم (١٦٠٤) وغيرهم من طريق أبي معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- مرفوعًا.
وأخرجه النسائي: (٨/ ٣٦) وغيره عن خالد الواسطي ومَعْمر وهُشَيم، عن إسماعيل، عن قيسٍ مرسلًا لم يذكر جريرًا.
وصحح الطريقَ المرسلةَ البخارىُّ -فيما نقله عنه الترمذي- وأبو حاتم -كما في "العلل" ١/ ٣١٥ - والترمذيُّ.
(٢) أخرجه البخاري رقم (٤٣٢١)، ومسلم رقم (١٧٥١)، من حديث أبي قتادة -رضي الله عنه- في قصة غزوة حُنين.
(٣) (ق) زيادة: "وحرصًا على النهي" وليست في (ظ ود والنتائج).