للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة (١)

حمل المطلق على المقيد في الكلِّي شيءٌ، وحمل المطلق على المقيد في الكلية شيء آخر.

فالأول: كقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] وقيدها بالإيمان في مكان آخر، فهذا إذا حُمل المطلقُ على المقيَّد فيه، لم يكن متضمِّنًا لمخالفة أحدهما، بل هو عمل بهما وتوفيَة بمقتضاهما، ولو (ق/ ٣٠١ أ)، عُمِل بالمطلق دود المقيد لخالف ولابد.

وأما الثاني: فكما إذا كان الإطلاقُ في العام كقوله: "في كلِّ أرْبَعِينَ شَاةً شاةٌ" (٢)، فإذا قيل: "في الغَنَم السائمةِ في كل أربعينَ شاةً شاةٌ (٣) فليس هذا من باب حَمل المطلق على المقيد، فإن اللفظ عام متناول لجميع أفراده، فحَمْله على التخصيص إخراج لبعض مدلوله، والفرق بين إخراج بعض مدلول اللفظ وبين تقييدٍ سُلِبَ عنه اللَّفظُ؛ الأوَّل: رافعٌ لموجب الخطاب.

والثاني: رافع لموجب الاستصحاب، وإنما يرجعُ هذا إلى أصل آخرَ، وهو تخصيصُ العموم بالمفهوم، فتَأمَّلْه.

فائدة (٤)

وعلى هذا فلا ينبغي أن يقال: يُحْمَل المطلق على المقيَّد مطلقًا، بل يفرق بين الأمر والنهي، فإن المطلقَ إذا كان في الأمر لم يكن


(١) "الفروق": (١/ ١٩٠ - ١٩١).
(٢) أخرجه أحمد: (٣٣/ ٢٢٠ رقم ٢٠٠١٦)، وأبو داود رقم (١٥٧٥)، والنسائي: (٥/ ٢٥) من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده. وسنده حسن.
(٣) أخرجه البخاري رقم (١٤٥٤).
(٤) "الفروق": (١/ ١٩١ - ١٩٢).