للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة

ليس من شرط الدليل اندراجه تحتَ قضية كليةٍ يكون بها جزءًا من قياس شمول (١)، ولا استلزامه نظيرًا يكون به قياس تمثيلٍ، بل يجوز كونه معينًا مستلزمًا لثبوتٍ معينٍ، وإنما شرطه اللزوم فيما كان بينهما تلازمٌ شرعًا أو عقلًا أو عادةً استدل فيه بثبوت الملزوم على ثبوت لازمه، وبنفي اللازم على نفي ملزومه، فكل ملزوم دليلٌ على لازمه، والعلم بدلالته متوقف على العلم به، وعلى العلم بلزومه (٢)، ولهذا كانت أدلَّة التوحيد والمعاد والنبوات التي في القرآن آيات ودلالات معيَّناتٍ مستلزمةً لمدلولها بنفسها، من غير احتياجٍ إلى اندراجها تحت قضيةٍ كلية، فالمخلوقات جميعها وما تضمَّنته من التخصيصات والحكم والغايات مستلزمةٌ للخالق سبحانه عينًا، بخلاف ما يزعم كثيرٌ من النُّظَّار أنه دليلٌ لقولهم: "كلُّ ممكنٍ مفتقرٌ إلى واجب، وكلُّ محدث مفتقرٌ إلى محدثٍ"، فإنَّ هذه القضية الكليَّة بعد تعبهم (٣) في تقريرها ودفع ما يعارضها، لا يدلُّ على مطلوبٍ معينٍ وخالقٍ معينٍ، إنما يدلُّ على واجبٍ ومحدثٍ ما.

وأما آياته سبحانه وأدلَّة توحيده، وما أخبر به من المعاد وما نصبه (٤) من الأدلَّة لصدق رسله، فلا يفتقر في كونها آياتٍ إلى قياس شموليٍّ ولا تمثيليٍّ، وهي مستلزمةٌ لمدلولها عينًا، والعلم بها مستلزمٌ


(١) (ق): "شمولي".
(٢) من قوله: "فكل ملزوم ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٣) رسمها في (ق): "لعربهم".
(٤) (ق): "تضمَّنه".