للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند الله وأحبها إليه وأرضاها له، وأنفعها للعبد، وأعمها نصيحةً لله تعالى ولرسوله ولكتابه ولعباده المؤمنين خاصَّتهم وعامَّتهم، ولا يعرفُ هذا إلا مَن كان من ورثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونوابه في الأمة وخلفائه في الأرض، وأكثر الخلق محجوبون عن ذلك فلا يخطر بقلوبهم، والله تعالى يمن بفضله على من يشاء من عباده.

* فإذا أعجزه العبدُ من هذه المراتب السِّتِّ وأعيا عليه سَلَّطَ عليه حزبَهُ من الإنس والجن بأنواع الأذى والتكفير له والتضليل والتبديع والتحذير منه، وقصد إخماله وإطفائه ليُشَوِّشَ عليه قلبَهُ ويشغل بحربه فكره، وليمنعَ الناسَ من الانتفاع به، فِيبقى سعْيُهُ في تسليط المُبْطِلبنَ من شياطين الإنس والجن عليه، لا يَفْتُرُ ولا بَنِي، فحينئذٍ يلبَسُ المؤمن لأُمَةَ الحرب ولا يضعُها عنه إلى الموت، ومتى وضعها أُسِرَ أو أصيب، فلا يزال في جهاد حتى يلقى الله.

فتأمَّل هذا الفصلَ وتدبَّرْ موقِعَهُ (١) وعظيمَ منفعته، واجعلْه ميزانًا لك تَزِنُ به الناسَ وتَزِنُ به الأعمال، فإنه يُطْلِعكَ على حقائق الوجود ومراتب الخلق، واللهُ المستعان، وعليه التُّكْلان، ولو لم يكنْ في هذا التعليق إلا هذا الفصلُ لكان نافعًا لمن تدبَّرَهُ ووعاه.

فصل

وتأمل السر في قوله تعالى: {يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) ولم يقل: في قلوبهم، والصدر هو ساحة القلب (٢) وبيته، فمنه تدخل الواردات إليه، فتجتمعُ فِي الصدر ثم تَلجُ في القلب، فهو بمنزلة


(١) (ظ ود): "موضعه".
(٢) زيادة في (ظ ود): "فهو بمنزلة الدهليز".