للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة

قوله تعالى: {وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (٣٦)} [الشعراء: ٣٦] هي جمع مدينة، وفيها قولان:

أحدهما: أنها فعيلةٌ واشتقاقها من: مدن، وعلى هذا فتهمزُ؛ لأنها فعائل كعقائل (١) وظرائف وبابه.

والثاني: أنها مفعلةٌ واشتقاقها من: دان يدين، وأصلها: مديونةٌ مفعولةٌ (٢) من: دان، أي: مملوكة مذلَّلةٌ لملكها منقادةٌ له، وفُعِل بها ما فعل بمبيوع حتى صار مبيعًا، فعند الخليل أنك ألقيت ضمَّة الياء على الباء، فسكنت الياء، التي هي عين الفعل، وبعدها واو مفعول، (ق/٣٨٤ أ) وهي ساكنةٌ، فاجتمع ساكنان فحذفت واو "مفعول" لأنها زائدةٌ، فهي أولى بالحذف من العين.

قال أبو الحسن الأخفش: المحذوف عين الفعل، والباقية هي واو "مفعول"، وإنما صارت ياءً؛ لأنهم لما ألقوا ضمَّة الياء على الباء انضمَّت الباء وبعدها ياءٌ ساكنة، فأبدلت الضَّمَّة كسرةً للياء التي بعدها، ثم حذفت الياء لالتقائها ساكنةً مع الواو واو "مفعول"، بعد أن ألزمت (٣) الفاء الكسرة التي حدثت لأجل الياء، فصادفت واو "مفعول" ساكنةً فقلبتها ياء.

ورجِّح قول الخليل بأنهم قالوا: "ماء مشيبٌ وأرضٌ مميتٌ عليها -أي مماتٌ عليها- وغارٌ منيلٌ -وهو الذي يُنال ما فيه من النَّوال-".


(١) (ق): "كفعائل".
(٢) (ع وظ): "مفعول".
(٣) (ظ): "لزمت".