للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مماليكك وعبيدك (١) وجُنْد لك"؛ كان أعظم وأفخم؛ لأن ذلك يتضمن أن عبيدك كثير جدًّا وأنا واحد منهم، فكلُّنا مشتركون في عبوديتك والاستعانة بك وطلب الهداية منك، فقد تضمَّن ذلك من الثناء على الرب بِسَعَة مجده، وكثرة عبيده، وكثرة سائليه. الهداية ما لا يتضمنه لفظَ الإفراد، فتأمله. وإذا تأملت أدعية القرآن رأيت عامتها على هذا النمط نحو: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (٢٠١)} [البقرة: ٢٠١] ونحو دعاء آخر البقرة، وآخر آل عمران وأولها، وهو أكثر أدعية القرآن.

فصل

وأما المسألة العشرون: وهي ما هو الصراط المستقيم؟.

فنذكر فيه قولًا وجيزًا، فإن الناس قد تنوَّعت عباراتهم: فيه وترجمتهم عنه بحسب صفاته ومتعلقاته، وحقيقتُه شيءٌ واحد، وهو: طريق الله الذي يرتضيه لعباده، موصلًا لهم إليه، ولا طريق إليه سواه، بل الطُّرُق كلها مسدودة على الخلق إلا طريقه الذي نصبه على ألسن رسله وجعله موصلًا لعباده إليه (٢)، وهو: إفراده بالعبودية وإفراد رسوله بالطاعة، فلا يشرك به أحدًا في عبوديته، ولا يشرك برسوله أحدًا في طاعته، فيجرد التوحيد ويجرد متابعة الرسول.

وهذا معنى قول بعض العارفين: "إن السعادة والفلاح كله مجموع في شيئين؛ صِدْق محبته وحُسْن معاملته"، وهذا كله مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فأيُّ شيءٍ فُسِّر به الصراط


(١) (ق وظ): "وعبيد" والمثبت من (د).
(٢) العبارة في (ظ ود) فيها سقط واضطراب، والمثبت من (ق) مع بعض الإصلاح.