للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيركم لا أنتم، فالإتيان بلفظة "غير" في هذا السياق أحسنُ وأدلُّ على إثبات المغايرة المطلوبة، فتأمله، وتأمل كيف قال: {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧) ولم يقل: اليهود والنصارى (١) مع أنهم هم الموصوفون بذلك، تجريدًا لوصفهم بالغضب والضلال الذي به غايروا المنعم عليهم (٢)، ولم يكونوا منهم بسبيل؛ لأن الإنعام المطلق ينافي الغضب والضلال، فلا يثبت لمغضوب عليه ولا ضالٍ، فتباركَ من أودعَ كلامَه من الأسرار ما يشهد بأنه تنزيلٌ من حكيم حميد!.

فصل

وأما المسألة العاشرة: وهى جريان "غير" صفة على المعرفة، وهي لا تتعرَّف بالإضافة، ففيه ثلاثة أجوبة:

أحدها: أن "غيرًا" هنا بدل لا صفة، وبدل النكرة من المعرفة جائز، وهذا فاسد من وجوه ثلاثة: أحدها: أن باب البدل المقصود فيه الثاني، والأول تَوْطِئة له ومِهَاد أمامه، وهو المقصود بالذكر، فقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧] المقصود: هو أهل الاستطاعة خاصة، وذِكْر الناس قبلهم توطئة، وقولك: "أعجبني زيدٌ عِلْمُه"، إنما وقع الإعجاب على علمه وذكرتَ صاحبَه توطئةً لذكره، وكذا قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: ٢١٧] المقصود (٣): إنما هو السؤال عن القتال في الشهر الحرام لا عن نفس الشهر (٤)، وهذا ظاهر جدًّا في بدل


(١) "ولم يقل: اليهود والنصارى" سقطت من (ظ ود).
(٢) ليست في (ظ ود).
(٣) ليست في (ق).
(٤) "لا عن نفس الشهر" ليست في (ظ ود).