للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البعض وبدل الاشتمال، ويراعى (١) في بدل الكلِّ من الكلِّ، ولهذا سُمِّيَ بدلًا إيذانًا بأنه المقصود، فقوله: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦)} [العلق: ١٥ - ١٦] المقصود: السَّفع بالناصية الكاذبة الخاطئة، وذكر المبدل منه توطئة لها.

وإذا عُرِف هذا؛ فالمقصود هنا ذِكْر المُنْعَم عليهم وإضافة الصراط إليهم، ومن تمام هذا المقصود وتكميله: الإخبار بمغايرتهم للمغضوب عليهم، فجاء ذكر غير المغضوب عليهم مكمِّلًا لهذا المعنى ومتمِّمًا ومحقِّقًا؛ لأن أصحاب الصراط المسؤول هدايته هم أهل النعمة، فكونهم غير مغضوب عليهم وصف محقَّق، وفائدته فائدة الوصف المبيِّن للموصوف المكمِّل له، وهذا واضح.

الوجه الثاني: أن البدلَ يجري مجرى توكيد المبدل وتكريره وتَبْيينه، ولهذا كان في تقدير تَكْرار الفاعل (٢)، وهو المقصود بالذكر كما تقدم، فهو الأول بعينه ذاتًا ووصفًا، وإنما ذكر بوصفٍ آخر مقصودٍ بالذكر، كقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٦ - ٧] ولهذا يحسن الاقتصار عليه دون الأول ولا يكون مُخِلًّا بالكلام، ألا ترى أنك لو قلتَ في غير القرآن: لله حجُّ البيت على من استطاع إليه السبيل، لكان كلامًا (٣) مستقيمًا لا خلل فيه، ولو قلت في دعائك: ربِّ اهدني صراط من أنعمتَ عليه من عبادك، لكان مستقيمًا، وإذا كان كذلك فلو قُدِّر الاقتصار على "غير" وما في حيِّزها هنا؛ لاختلَّ الكلام وذهب معظم المقصود


(١) (ظ ود): "ومما يجيء".
(٢) (ظ ود): "العامِل".
(٣) (ظ ود): "كاملًا" وسقطت "خلل" بعدها.