للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من كان عالِمًاْ به قادرًا عليه، وأما العاجزُ الجاهلُ فساقطٌ عنه فرِض الاستقبال فلا يكلَّفُ به.

ومن نصر الاجتهادَ احتجَّ بأن اللهَ تعالى أوجبَ على العبد أن يتَّقيه ما استطاعَ، وهذا يقتضي وجوبَ الاجتهاد عليه في تقوى ربِّه تعالى، وتقْوَاه هي فعلُ ما أمر به وترك ما نهى عنه.

قالوا: وأيضًا فإنه من المعلوم أنه إذا قام إلى الصَّلاة لم يَجُزْ له أن يستقبلَ أيَ جهةٍ شاء ابتداءً، بلْ ينظرُ إلى مطالع الكواكب ومساقِطِها وسُمُوت جهة القبلة، حتى إذا علم جهَتَها استقبلها، وهذا نوع اجتهاد، وأَدِلة الجهة متفاوتَةٌ في الخَفاء والظهور، فيجبُ على كلّ أحد فعلُ مقدوره من ذلك، فإن لم يُصبْها قطعًا أصابها ظنًا، وهو الذي يقدر عليه، فمتى تركَ مقدوره لم يكنْ قد اتَّقى الله بحسب استطاعَتِهِ.

وقولكم: إن الله إنما أوجَب الاستقبالَ على القادر عليه، العالمِ به، قلنا: الله سبحانه (ق / ٣٠٥ ب) أوجبَ على كل عبد ما تؤدِّيه إليه استطاعته من طاعته، فإذا عَجَز عن هذا اليقين (١) وأدلة الجهة سقط عنه، ولكن من أين يسقطُ عنه يَذل وُسعه ومقدورِه اللَاّئق به؟!.

فصل (٢)

ومنْ هذا الباب: لو طلَّق إحدى امرأتيه بعينها، ثم اشتبهت عليه بالأخرى، فقيل: يَجب عليه اعتزالهما ويوقِف الأمرَ حتى يَتبَيَّنَ الحالَ: وعليه نفقتهما، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في إحدى


(١) (ع): "هذا عن اليقين".
(٢) (ق وظ): "فائدة".