نظرتَ فإن لم يكنْ معهم إلا ما أخذوه من النَّاس، لم يَجُزْ معامَلَتُهُم، وإن كان معهم حلالٌ وحرامٌ لم يَجُزْ أيضًا، إلا أن يُبَيِّنوه، كرجلٍ كان عنده أربعُ إماءٍ فأعتقَ واحدةً منهنَّ بعينها، وعرض واحدةً منهنَّ، وهو مدَّعٍ لرِقِّهِنَّ، لم يَجُزِ الشِّراءُ منه حتى يُبَيِّنَ التي أعتقَها، وكذلك إذا كاد عنده مَيْتةٌ ومذكَّاةٌ، لم يَجُزِ الشراءُ منه حتى يُبَيِّنَ، فأما الأموالُ التي في أيدي هؤلاء الغَصَبَةِ من الخوارج واللُّصوص الدين لا يُعرفُ لهم صناعةٌ غير هذه الأموال المحرَّمة عليهم، فالعلمُ قد أحاط بأن جميعَ ما معهم حرامٌ، فلا يجوزُ البيعُ والشِّراء منهم.
ولكن يجوزُ للفقير أن يأخذَ منهم ما يُعطونه من جهة الفقر؛ لأن إمام المسلمين لو ظفر بهذا الفاسقِ وبما معه من الأموال المغصوبة لوجبَ أن يصرفَ هذه الأموالَ في الفقراء، وأما المستورُ فإنه يُحْكَمُ له بما في يده؛ لأنا لا نعلمُ أنه في دعواه مُبْطِلٌ.
وكذلك لو أن رجلاً من فُسَّاق المُسلمينَ لا ينزِعُ عن الزِّنا والقذف ونحوه، وكان في يده مال حُكِم له به، ويفارقُ هذا من يُعْرف بالغَصْبِ والظلم؛ لأن الظاهرَ أن تلك الأموال حرامٌ غُصُوبٌ.
* * *
[ومن خط القاضي من جزء فيه تفسير آيات من القرآن عن الإمام أحمد]
رواية المرُّوْذي عنه، رواية أبي بكر أحمد بن عبد الخالق عنه (١)،