للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفائدة الربط بالشرط في مثل هذا أمران؛ أحدهما: بيان استلزام إحدى القضيتين للأخرى. والثاني: أَنَّ اللازم منتف، فالملزوم كذلك، فقد تبين من هذا أن الشرطَ يعلَّقُ به المحقق الثبوت، والممتنع الثبوت، والممكن الثبوت.

المسألة الخامسة: اختلف سيبويه ويونس (١) في الاستفهام الداخل على الشرط، فقال سيبويه: يعتمد على الشرط وجوابه، فيقدَّم أولًا، ويكون بمنزلة القَسَم، نحو قوله: {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء: ٣٤] وقوله: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: ١٤٤].

وقال يونس: يعتمد على الجزاء فتقول: إن مت أفأنت خالد؟ والقرآن مع سيبويه, والقياس أيضًا، كما يتقدم القسم ليكون جملة الشرط والجزاء مقسمًا: عليها ومستفهمًا عنها, ولو كان كما قال يونس، لقال: فإن من أَفهم الخالدون.

المسألة السادسة: اختلف الكوفيون والبصريون فيما إذا تقدم أداة الشرط جملة تصلح أن تكون جزاء، ثم ذكر فعل الشرط، ولم يذكر له جزاء، نحو: أقوم إن قمت؛ فقال ابن السرَّاج (٢): الذي عندي أن الجوابَ محذوف، يغني (٣) منه الفعل المتقدم. قال: وإنما يُستعمل هذا على وجهين، إما أن يضطر إليه شاعر، وإما أن يكون المتكلّم به محقِّقًا بغير شرط ولا نية، فقال: أجيئك، ثم يبدو له أَن لا يجيئه إِلّا


(١) هو: يونس بن حبيب: الضبِّي مولاهم البصرىِ أبو عبد الرحمن النحويين، سمع من العرب وأخذ عنه سيبويه ت (١٨٢).
انظر: "إنباه الرواة": (٤/ ٧٤) و"بغية الوعاة": (٢/ ٣٦٥).
(٢) في "الأصول": (٢/ ١٨٧).
(٣) (ق ود): "كفى".