للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: زعم الفارسي أن القياس فيهن كلهن الإلغاء إذا خُفِّفن، فلذلك ألزموا "لكن" إذا خُفِّفت الإلغاء، تنبيهًا على أن ذلك هو الأصل في جميع الباب، وهذا القول مع ما يلزم عليه من الضعف والوهن ينكسر عليه بأخواتها، فيقال له: فلم خُصَّت "لكن" بذلك دون "أنَّ" و"إنَّ" و [كأنَّ] (١)؟ ولا جواب له عن هذا!.

قال السهيلي (٢): وإنما الجواب عن ذلك أنها لما رُكِّبت من "لا" و"إن" ثم حُذِفت الهمزة اكتفاء بكسر "الكاف" بقي عمل "إنَّ" لبقاء العلة الموجبة للعمل، وهي فتح آخرها، وبذلك ضارَعَت الفعل، فلما حُذِفت النون المفتوحة وقد ذهبت الهمزة للتركيب ولم يبقَ إلا النون الساكنة، وجبَ إبطال حكم العمل بذهاب طرفيها وارتفاع عِلة المضارعة للفعل، بخلاف أخواتها إذا خُفِّفن، فإن معظم لفظها باقٍ، فجاز أن يبقى حكمها، على أن الأستاذ أبا القاسم الرَّمَّاك (٣) قد حكى رواية عن يونس أنه حكى الإعمال في "لكن" مع تخفيفها، وكان يستغرب هذه الرواية.

* * *

واعلم أن "لكن" لا تكون حرف عطف مع دخول "الواو" عليها؛ لأنه لا يجتمع حرفان من حروف العطف، فمتى رأيت حرفًا من حروف


(١) من "النتائج".
(٢) في "نتائج الفكر": (ص/٢٥٧).
(٣) هو: عبد الرحمن بن محمد أبو القاسم الأموي الإشبيلي المعروف بابن الرَّمَّاك ت (٥٤١).
انظر: "بغية الملتمس": (ص/ ٣٤٦)، و"بغية الوعاة": (٢/ ٨٦) ووصفه السُّهيلي بأنه كان إمامًا في هذه الصناعة.