للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا كان الاستواءُ فيما مضى، وهما الآن مختلفان، فهذه القرينةُ تنفي الانقطاعَ الذي يُتَوَهَّمُ في لفظ المُضِيِّ، كما كان لفظ الحال في قولك: "لا أُكَلِّمُهُ ما دَامَتِ السَّمواتُ والأرْضُ"، ينفي الانقطاعَ المتوهَّمَ في "دام"، وإذا انتفى الانقطاعُ، وانتفتِ الزوائدُ الأربعُ، بقي الحَدَيث (١) مطلقًا غيْرَ مقيّد في المسألتين جميعًا، فتأمَّلْ هذا تَجِدْه صحيحًا.

فصل (٢)

الكلام على واو الثمانية

قولهم: إن الواوَ تأتي للثَّمانية، ليس عليه دليلٌ مستقيمٌ، وقد ذكروا ذلك في مواضعَ فَلْنَتَكَلَّمْ عليها واحدًا واحدًا:

الموضع الأول: قوله تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: ١١٢] فقيل الواو في "والناهون" واو الثمانية لمجيئها بعد استيفاء الأوصاف السبعة، وذُكِر في الآية وجوهًا أُخَرَ:

منها: أن هذا من التَّفَنُّنِ في الكلام أن (٣) يُعْطَفَ بعضُه، ويتركَ عطفُ بعضٍ.

ومنها: أن الصَّفات التي قبل هاتين (ظ / ١٦٣ ب)، الصفتين صفاتٌ لازمةٌ متعلِّقَةٌ بالعامل، وهاتان الصفتان مُتَعَدِّيتان متعلِّقتان بالغير فَقُطِعَتا عما قبلَهما بالعطف.


(١) الأصول: "الحدث" والمثبت من "النتائج".
(٢) انظر ما تقدم في الكتاب (٢/ ٦٦٤)، وإحالة المؤلف في استيفاء الكلام على واو الثمانية على كتابه "الفتح المكيّ"، وانظر "حادي الأرواح": (ص/ ٤٩).
(٣) ليست في (ع).