للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحسن من هذا أن يقال: ليس في دخول الواو تقرير لمضحون تحيتهم، بل فيه ردها وتقريرها لهم، أي: ونحن أيضًا ندعو عليكم بما دعوتم به علينا، فإن دعاءَهم قد وقع، فإذا رَدَّ عليهم المجيبُ بقوله: "وعليكم"، كان في إدخال الواو سِرّ لطيف، وهو الدلالة على أن هذا الذي طلبتموه لنا ودعوتم به، هو بعينه مردودٌ عليكم لا تحية غيره، فإدخال "الواو" مفيدٌ لهذه الفائدة الجليلة.

وتأمل هذا في مقابلة الدعاء بالخير إذا قال: "غفر الله لك"، فقال له: "ولك"، المعنى: أن هذه الدعوة بعينها مني لك، ولو قلت: "غفر الله لك": فقال: "لك"؟ لم يكن فيه إشعار بأن الدعاء الثاني هو الأول بعينه، فتأمله فإنه بديع جدًّا. وعلى هذا فيكون الصواب إثبات الواو كما هو ثابت في "الصحيح" و"السنن".

فهذا ما ظهر لي في هذه اللفظة، فمن وجدَ شيئاً فَلْيلْحِقْه بالهامش (ق/ ١٦١ أ)، يَشكُرِ اللهُ وعبادُه له سَعْيَه، فإن المقصودَ الوصولُ إلى الصواب، فإذا ظهر؛ وضِعَ ما عداه تحت الأرجل، وقد ذكرنا هذه المسألة مستوفاة بما أمكننا (١) في كتاب "تهذيب السنن" (٢)، وأدلّه أعلم (٣).

فصل

وأما السؤال العشرون وهو: ما الحكمة في اقتران الرحمة والبركة بالسلام؟.


(١) "بما أمكننا" ليست في (ق).
(٢) (٨/ ٧٥ - ٧٧ - بهامش مختصر المنذري).
(٣) زيادة من (ق).