للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حين قدرناه بقولك: "لا يُبَالُونَ" فالواو في: "يُبَالُونَ" هو الفاعل، والضمير في "عليهم" هو الفاعل في المعنى.

ألا ترى كيف اخْتُصَّ بـ "على" من بين حروف الجر؛ لأن المعنى إذا كان يرجعُ إلى عدم المبالاة فقد هان عليك الأمرانِ، وصارا أخفَّ شيء على من لا يُبَاليهما ويلتفتُ إليهما، فتأملْه تجدْ المعانيَ صحيحةً، والفوائدَ كثيرةً مزدحمةً تحتَ هذا اللَّفظ الوجيز.

فلذلك نبَتْ عنه كثيرٌ من الأفهام حتى تناقضتْ عليهم الأصولُ التي أَصَّلوها، واضطربوا في الجواب عن الاعتراضات التي أُلْزِمُوها (١)، مع ما غابَ عنهم من فوائدِ هذه الآيات وإعجازها وسَمَانة (٢) هذه الكلمات على إيجازها.

ثم قال:

"فصل (٣)

فإن قيل: ما بالُ الاستفهامٍ في هذه الجملة والكلام خبرٌ محضٌ؟.

قلنا: الاستفهامُ مع "أمْ" يُعطي معنى التَّسوية، فإذا قلت: "أَقَامَ زَيْدٌ أمْ قَعَدَ"؟ فقد سوَّيت بينهما في علمك. فهذا جوابٌ فيه مَقْنَعٌ.

وأما التحقيق في الجواب فأَن تقول: ألفُ الاستفهام لم يُخْلَعْ منها ما وُضعت له، ولا عزلت عنه، وإنما معناه: "عَلِمْتُ أقَامُ زَيْدٌ أم قَعَدَ"، أي: علمتُ ما كنتُ أقول فيه هذا القول، وأستفهم عنه بهذا


(١) (ع وظ): "التزموها".
(٢) (ع): "وسمات".
(٣) بياض في (ق)، وانظر: "النتائج": (ص/٤٣٢).