للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ادعاءُ إضافة شيءٍ محذوف إلى شيء محذوف، ثم يضافُ المُضاف إليه إلى شيءٍ آخر محذوف، من غير دلالة في اللَّفظ عليه، فهذا مما يُصَانُ عنه الكلام الفصيح فضلاً عن كلام ربِّ العالمينَ!.

وأما قولُه: "على أنه لا يمتنعُ إرادةُ الحقيقة والمجاز معًا" واستدلالُه على ذلك بقولهم: "القَلَمُ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ "، فلا حُجَّةَ فيه! لأن اللَّسانينِ اسم مثنَّى، فهو قائمٌ مقامَ النُّطق باسمين أُريدَ بأحدهما الحقيقة وبالآخر المجاز، وكذلك: "الخَالُ أَحَدُ الأبَوَيْنِ" وكذلك "الأَيْدِي ثَلاثَةٌ".

وأما قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦] فالاستدلال به أبعدُ من هذا كلِّه، فإنَّ الصلاةَ على النبى - صلى الله عليه وسلم - من الله وملائكته حقيقةٌ بلا رَيْب، والحقيقةُ المضافة إلى الله من ذلك لا تُماثِلُ الحقيقةَ المُضافةَ إلى الملائكة، كما إذا قيل: "الله ورسولُهُ والمؤمنونَ يعلمونَ أن القرآنَ كلامُ الله "، لم يَجُزْ أن يُقَالَ: إن هذا استعمالُ اللَّفظ في حقيقته ومجازه، وإن كان العِلْمُ المضافُ إلى الله غيرَ مماثِل للعِلْم المُضافِ إلى الرسول والمؤمنين، فتأمَّلْ هذه النُّكَت البديعة. ولله الحمد والمنّة.

فصل

المعروفُ عند النُّحاة أن الاستثناءَ المنقطعَ هو: أن لا يكونَ المستثنى داخلاً في المُستثنى منه، وربما عبَّروا عنه بأن لا يكونَ المستثنى من جنس المستثنى منه، وهذا يحتمل شيئينِ:

أحدهما: أن لا يكون المستثنى فردًا من أفراد المستثنى منه.

والثاني: أن لا يكونَ داخلاً في ماهِيَّتِهِ ومُسَمَّاه، فنحو: "جَاءَ