للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القَوْمُ إلَاّ فَرَسًا" منقطعٌ اتفاقًا، و"جَاءوا إلَاّ زَيْدًا" متَّصل، و"رأَيْتُ زَيدًا إلَاّ وَجْهَهُ" منقطعٌ على الاعتبار الأوَّل؛ لأن الوجهَ ليس فردًا من أفراد المستثنى منه، ولكن لا أعلمُ أحدًا من النُّحاة يقولُ ذلك، ويلزمُ من ذلك أن يكون استثناءُ كلِّ جزءٍ من كُلٍّ منقطعًا. ونحو قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} منقطع على التفسير الأول لعدم دخولِ الموتة الأولى في المستثنى منه، ومتَّصل على التفسير الثانى؛ لأنها من جنس الموت في الجملة.

وفي الاستثناء المنقطع عبارةٌ أخرى، وهي: أن يكون منقطعًا مما قبلَه، إما في العمل، وإما في تناوله له، فالمنقطع تناولاً: "جَاءَ القَوْمُ إلا حِمَارًا" والمنقطع عملاً نحو قوله تعالى: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (٢٤)} [الغاشية: ٢٢ - ٢٤] فهذا استثناء منقطِعٌ بجملة، كذا قاله ابن خروف (١) وغيره، وجعلوا "مَنْ" مبتدأ و"يُعَذِّبُه" خبره، ودخلت الفاء لتضمُّن المبتدأ معنى الشرط.

وجعل الفرَّاء من هذا قوله تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [البقرة: ٢٤٩] على قراءة الرَّفع (٢)، وقدَّره: "إلا قليلٌ منهم لم يشربوا"، وقواه ابن خروف واستحسنه.

ومن هذا قولهم: "ما للشَّيَاطِين مِنْ سِلاحٍ أبْلَغَ في الصَّالحِينَ مِنَ ْالنِّسَاءِ إلَاّ المُتزوِّجون، أُولئكَ المطَهَّرُون المُبرَّؤونَ مِنَ الخَنَاء".


(١) هو: أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن خروف الإشبيلي النحوي ت (٦١٠) انظر "السير": (٢٢/ ٢٦).
(٢) وهي قراءة أُبي والأعمش، "البحر المحيط": (٢/ ٢٧٥).