جَرَيان القلم إلى هذه الغاية، وإن لم يكن من غرضنا، فإنها أهمّ من بعضِ ما نحن فيه وبصدده (١).
فلنرجع إلى المقصود، فنقول: الذي صحَّحَ الابتداء بالنكرة في "سلام عليكم": أنَّ المسلِّم لما كان داعيًا، وكان الاسم المبتدأ النكرة هو المطلوب بالدعاء، صارَ هو المقصود المهتمّ به، وتنزَّل منزلةَ قولك:"أَسأل اللهَ سلامًا عليكم"، أو "أطلب من الله سلامًا عليك"، فالسلام نفى مطلوبك ومقصودك، ألا ترى أنك لو قلتَ:"أسأل الله عليك سلامًا" لم يجز، وهذا في قوَّته ومعناه فتأمله، فإنه بديع جدًّا.
فإن قلتَ: فإذا كان في قوَّته، فهَلَاّ كان منصوبًا، مثل:"سقيًا ورعيًا"؛ لأنه في معنى:"سقاك الله"، و"رعاك رعيًا"؟.
قلت: سيأتي جواب هذا في جواب السؤال العاشر في الفرق بين (ظ / ١١٤ أ) سلام إبراهيم وسلام ضيفه إن شاء الله.
وأيضًا فالذي حَسَّن الابتداء بالنكرة هنا: أنها في حكم الموصوفة؛ لأن المسلِّم إذا قال:"سلامٌ عليكم"، فإنما مراده: سلامٌ مني عليك، كما قال تعالى:{اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا}[هود: ٤٨]، ألا ترى أن مقصود المسلِّم إعلام من سلَّمَ عليه بأن التحيةَ والسلامَ منه نفسه، لما في ذلك من حُصُول مقصود السلام من التَّحَابّ والتوادّ والتعاطف، فقد عرفتَ جواب السؤالين: لِمَ ابتُدِئَ بالنكرةِ، ولِمَ قُدِّمت على الخبر، بخلاف الباب في مثل ذلك، والله أعلم.
فصل
وأما السؤال السابع، وهو أنه لِمَ كان في جانب المسلِّم تقديم