للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البلوى بذلك، وعموم الحاجة إليه. فلو أن الرجل لا يدخل بيت الرجل، ولا يقبل هديته إلا بشاهدين عدلين يشهدان بذلك، حَرِجت الأمةُ، وهذا تقرير صحيح، لكن ينبغي طَرْدُه وإلا وقع التناقض، كما إذا اختلفا في متاع البيت؛ فإن القرائن التي تكاد تبلغ القطع، تشهد بصحة دعوى الرجل لما هو من شأنه، والمرأة لما يليق بها، ولهذا قبله الأكثرون، وعليه تُخَرَّج حكومة سليمان بين المرأتين في الولد (١)، وهي محض الفقه.

وقد حكى ابنُ حزم في "مراتب الإجماع" (٢): إجماعَ الأمة على قبول قول المرأة الواحدة في إهداء الزوجة لزوجها ليلة العوس، وهو كما ذَكَر، وقد اجتمع في هذه الصورة من قرائن الأحوال؛ من اجتماع الأهل والقرابات، ونُدْرة التدليس والغلط في ذلك، مع شهرته وعدم المسامحة فيه، ودعوى ضرورات الناس إلى ذلك، ما أوجب قبول قولها.

فائدة (٣)

قبول قول القَصَّاب (٤) في الذكاة ليس من هذا الباب بشيءٍ، بل هو من قاعدة أخرى، وهي أن الإنسان مؤتمن على ما بيده، وعلى ما يخبر به عنه (٥).


(١) أخرجه البخاري رقم (٣٤٢٧)، ومسلم رقم (١٧٢٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) (ص / ٦٥).
(٣) انظر لهذه الفائدة والتى بعدها: "الفروق": (١/ ١٥، ١٧).
(٤) هو: الجزَّار.
(٥) انظر "التقريب": (ص/ ٤٠٣).