للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة

قال ابن عَقِيل: الأموالُ التي يأخذها القضاة أربعة أقسام: (رِشوة وهديةٌ وأجرةٌ ورِزْقٌ).

فالرِّشْوَةٌ: حرامٌ، وهي ضربانِ: رشوةٌ ما ليميلَ إلى أحدهما بغير حقٍّ، فهذه حرامٌ عن فعل، حرام على الآخذ والمعطي، وهما آثمان. ورشوة يُعْطاها ليحكمَ بالحقِّ واستيفاءِ حقِّ المُعطي من دَيْن ونحوه، فهي حرامٌ على الحاكم دون المُعطي؛ لأنها للاستنقاذ، فهي كجُعْل الآبِقِ، وأجرة الوكالة (١) في الخصومة.

وأما الهدية: فضربان: هدية كانت قبل الولاية فلا تحرمُ استدامتها، وهديةٌ لم تكنْ إلا بعدَ الولاية، وهي ضربان: مكروهة وهي الهديَّة إليه ممن لا حكومةَ له، وهدية ممن قد اتجهت له حكومة، فهي حرامٌ على (ظ/ ١٨٥ ب) الحاكم والمُهْدِي.

وأما الأجرة: فإن كان للحاكم رزقٌ من الإمام من بيت المال، حَرُمَ عليه أخذُ الأجرة قولًا واحدًا؛ لأنه إنما أَجرى له الرِّزق لأجل الاشتغال بالحكم، فلا وجهَ لأخذ الأجرة من جهة الخصوم، وإن كان الحاكم لا رزقَ له؛ فعلى وجهين: أحدهما: الإباحة؛ لأنه عملٌ مباح فهو كما لو حكَّماه؛ ولأنه مع عدم الرزق لا يتعينُ عليه الحكمُ، فلا يمنعُ من أخذ الأجرة، كالوَصِى وأمين (٢) الحاكم يأكلان من مال اليتيم بقدْر الحاجةِ.

وأما الرزق مِنْ بيت (ق / ٢٦٤ ب) الحال: فإن كان غنيًّا لا حاجةَ له


(١) (ظ): "الوكلاء".
(٢) (ظ): "وعامل".